الأحد، ٢٢ أبريل ٢٠٠٧

إعدام حب ---- قصة قصيرة



طفلة صغيرة لا تعي شيئاً من حولها غير اللعب والضحك والمرح, لا تفهم غير الحب في حضن أمها والأمان في عين أبيها.
كانت حبيبة طفلة جميلة رقيقة ذكية وهادئة لم يكن لها مثيل في أي من عائلة والدتها أو والدها. كان الجميع يحبونها منذ أن كانت تلك الطفلة حتى أصبحت فتاة شابة, كانت حبيبة شخصية ذكية وجذابة وأيضا متعلمة.. وتلك الصفات كانت تزيدها جمالاً وتجعلها مطلوبة من شباب حيها وزملاء الدراسة. مرت الأيام وبلغت حبيبة التاسعة عشر من عمرها وكثر عدد المتقدمين لطلب يدها وفي ذلك الوقت لم تكن الفتاة هي الوحيدة التي تتخذ القرار في اختيار زوج المستقبل بل كانت للأسرة دور كبير وكانت الأسرة قد اختارت لحبيبة شابًا جيدًا في نظرهم فقد كان ثريًا نوعًا ما ولكن لم يكن عمار هو الشاب المثالي الذي تود حبيبة الارتباط به، بل كانت متعلقة بابن خالتها إياد وهو أيضًا كان يحبها وكان قد سبق وتقدم لخطبتها ولكن الأهل رفضوا لأنهم رأوا أن إبنتهم لا يجب أن تغادر البلاد مهما كان لذلك من ميزات. أحست حبيبة بالحزن فقد تمنت كثيرا أن تتزوج من إياد وكادت أن تمسك النجم بيدها عندما علمت أنه تقدم لخطبتها وأنه يريدها لتصبح شريكته في الحياة القادمة كما تأكدت من أنه يحبها ويكن لها المشاعر الجميلة التي لطالما تمنت أن تعيشها وتحسها
.
كانت حبيبة تحب والدتها حبًا شديدًا ولا تستطيع إتخاذ أي قرار بدون مناقشتها وأخذ رأيها وكانت تطيع أوامرها بلا تفكير أو تردد, فقد كانت حبيبة قريبة جدًا من والدتها فهي الأبنه الكبرى لها والوحيدة التي أنجبتها بعد أولادها الصبية, وكانت حبيبة تثق أن لا أحد بالعالم كله سيحب لها الخير ويرشدها للطريق الصحيح إلا أمها, فقد تركت حبيبها إياد لأن والدتها كانت قد أقنعتها بذلك, فقد قالت لها: يا حبيبة أنت ابنتي الكبرى فإذا سافرت مع إياد فلن أستطيع أن أزورك وإذا طلبت رؤيتك قبل موتي فعندما تأتي إلي فسأكون قد مت ودفنت دون أن أراك وأن تودعيني, أثر هذا الكلام كثيرًا على فكر حبيبة وسيطر على عقلها حتى أنه تخلل إلي قلبها وجعلها تقارن وتفاضل بين حبها لأمها وحبها لأبن خالتها إياد مما جعلها تتراجع عن تمسكها بقرارها وزاد ذلك عندما قال لها أخوها الأكبر: يا حبيبة لن يدوم حب إياد لك أبدا بعد الزواج وسيسيء معاملتك ولن نستطيع حمايتك منه, وأنت أيضًا لن تستطيعي اللجوء إلينا وأنت بعيدة عنا.
كما قام أهلها بتهديدها بأنهم سينسوها ولن يزوروها أبدا وسيبتعدوا عنها للأبد, كانت حبيبة صغيرة في ذلك الوقت فلم تستطع أن تدافع عن حبها ولا أن تدرك أهمية ذلك الحب.
علم إياد رفض عائلة حبيبه له, ولكنه لم يفقد الأمل فذهب إلي حبيبة ليتحدث معها بنفسه بعد موافقة أهلها على ذلك وقال لها: إذا كنت توافقين أن تكوني زوجتي فقولي لي هذا الأن يا حبيبة ولا تعبأي بالأهل فأنا على أتم الاستعداد كي أحارب للفوز بك, وإذا كانوا قد ذكروا أنهم سيتخلوا عنك إذا وافقت على الارتباط بي فسأجعلهم يندمون على ذلك وسأجعلك ملكة لا تحتاجين لأحد منهم وسوف يتمنون رؤيتك والتودد لكي ينالوا رضاك, فأجيبيني الآن بكلمة واحدة إما نعم أو...
وسكت إياد ولكن حبيبة رفعت وجهها ونظرت إليه والدموع تملأ عينيها ثم قالت: لا..لا أستطيع, نظر إليها إياد وقال لها أنه سيسافر قريبا إلي الكويت وثم سكت وقال: ولكني سأعود مرة ثانية ولن أتخلى عنك أبدًا, وبعدها خرج إياد من منزل حبيبة وتركها ومن يومها لم يتقابلا ثانية فقد تركها كي تنساه فأبتعد عن حياتها.
وكانت حبيبة لا تستطيع عمل شيء فحالها كان كحال معظم بنات عصرها, فقد أجبرها أهلها على الزواج بعمار لأنه كان صديقا لأخاها الأكبر, مما جعلها توافق على الزواج منه وبالفعل تم عقد قران عمار وحبيبة وتم إقامة الحفل الساهر وظلت حبيبة بمنزل العائلة حتى يكمل عمار منزلهما ولكن حبيبة اكتشفت ما لم تتوقعه أبدًا, اكتشفت أن عمار كذب عليها كذبه كانت بنظره بريئة وإنما كانت بنظرها إثمًا فاحشًا فقد قال عمار لحبيبة أنه حاصل على شهادة عليا وأنه سيصبح ذو مركز مرموق في حين أنه لا يملك إلا شهادة الثانوية العامة والتي لن تؤهله للوصول إلي شيء.
لم يكن عمار يقصد أن يخدع حبيبة, فقد كان عمار يحب حبيبة حبًا شديدًا وخاف أن يخبرها بالحقيقة فلا توافق على الزواج منه ولم يكن عمار بكاذب فقد إلتحق فعلا بكلية التجارة بالجامعة ولكنه تم فصله بسبب ضبطه يغش عدة مرات. كانت هذه الكذبة صدمة لحبيبة فقد أحست في داخلها أن عمار لا يمكنها أن تكمل معه حياتها, فمن كذب مرة يمكن أن يكذب ويخدع ويخون ألف مرة, كانت حبيبة على علم بحب عمار الشديد لها ولكنها لم تفكر أن تسامحه خاصة بعد أن رفضه أهلها أيضًا. فقد أجبرها والدها وأعمامها على ترك عمار وأن تذهب هي بنفسها معهم إلي منزله لكي تطلب منه الطلاق والانفصال وعندما رفضت أن يكون المنزل الذي ستعيش فيه هو نفسه الذي ستخرج منه منفصلة عن زوجها قام أخوها بحبسها وضربها حتى وافقت أن تنفذ ما أرادوا وذات يوم وجدت حبيبة والدة عمار في منزلهم, فاندهشت حبيبة فقد تم الانفصال بالفعل بينها وبين عمار ولكنها قررت أن تجلس معها وتستمع إلي ما تريد قوله لها, قالت أم عمار: يا ابنتي أرجوك لا تحطمي قلب ولدي فهو يحبك حبًا جما ويبكي ليلاً ونهارًا منذ انفصالكما فعودي إليه, أنها دعوة أم إليك فلا ترديني مخزولة, فإذا كان ولدي قد كذب عليك فقد ندم كثيرًا وهو على إستعداد أن يفعل لك ما تريدين وأنا سوف أكتب لك منزلاً بإسمك غير أن أخوه عمار جميعهم ذو مراكز مرموقة وهذا ما يهم, فهم أعمام أولادك, فماذا تريدين أكثر من ذلك؟

شعرت حبيبة بالشفقة تجاه أم عمار وبدأت في البكاء ولكن حبيبة لم تستطع فعل شيء غير أن تخرج لتستشير والدتها بالأمر خاصة وإنها تعلم إن عمار شابا صالحا ويحبها وسيقدم لها العديد من المزايا, غير أنه سيخرجها من هذا المنزل الذي أصبح في نظر حبيبة كالسجن الكبير, قالت حبيبة لأمها: يا أمي إن والدة عمار ترجوني أن أعود إلي إبنها مرة أخرى, فهل لي أن اقبل هذا أم لا, نظرت أم حبيبة إلي إبنتها ورأت في عينيها الحنين والميل إلي الموافقة فقالت لها: لا يا حبيبة, فنظرت حبيبة إلي أمها وقالت: أيعني ذلك يا أمي أنك... فقاطعتها أمها قائلة: اذهبي إليها يا حبيبة وقولي لها لا.. أتصغين إلي.. قولي لا.إلتفتت حبيبة إلي الغرفة التي تنتظرها بها أم عمار وقد أحست بصعوبة الموقف فهي في نظر أم عمار إنسانه قاسية القلب فلم تكن أم عمار تعلم أن أهل حبيبة يرفضون عودتها إلي عمار خاصة عندما قالوا لها الأهل أن حبيبة هي التي ترفض وسمحوا لها برؤيتها والحديث معها, دخلت حبيبة الغرفة فنظرت أم عمار إليها وابتسمت وقالت لها: هل توافقين يا ابنتي, لكنها فوجئت بحبيبة تقترب منها وهي تحمل حقيبة فوضعتها على الطاولة ثم أخرجت منها صندوق صغير وقالت لها: يا أم عمار هذا هو مصاغي الذي أحضره لي عمار, وهنا أيضا بالحقيبة جميع الأشياء التي هاداني بها, فهمت السيدة أن حبيبة رفضت دعوتها وطلبها ونظرت إلي حبيبة بعين حزينة نظرة قاسية جعلت حبيبة تشعر بالخوف, ثم اتجهت ناحية باب الغرفة وهي تحمل الحقيبة وسارت حبيبه خلفها توصلها إلي الباب, وعندما وصلت السيدة إلي الباب إلتفتت إلي حبيبة وقالت لها بصوت هادئ تملاه الثقة: سينتقم الله لولدي منك وسيقتص منك شر قصاص, فقد رددتني الآن خائبة ولكن الله لن يردك أبدا رابحة, خرجت السيدة أم عمار من الغرفة وتركت منزل حبيبة وهي مكسورة الخاطر وجريحة الفؤاد فهي أم حزينة على ولدها الذي يواجه فشل حبه في بداية حياته.
ظلت حبيبة واقفة بمفردها في تلك الغرفة فقد جعلتها تلك الدعوة تثبت في مكانها دون حراك, ووضعتها في صراع داخلي فهي الظالمة والمظلومة في الوقت ذاته, ظلت حبيبة على هذا الحال حتى سمعت صوت أمها تناديها, فخرجت مسرعة لتساعد أمها ولتطمئنها بأنها فعلت ما تريده, بقى الحال كما هو عليه ومرت الأيام والشهور. وبلغت حبيبة الحادية والعشرون من عمرها وبدأت تفكر فيما حدث لها, قررت حبيبة أن تتحدى الجميع وأن تختار هي شريك حياتها بنفسها فوافقت على أول من تقدم لها بعد عمار, كان ذلك الشاب عن طريق زميلة لها بالعمل وكان يدعى راجي وهو أخًا لزميلتها, لم يكن راجي بالشاب الوسيم أو الثري الذي تتمناه أي أسره أو تعجب به أي فتاة, ولكن حبيبة صممت أن ترتبط بهذا الشاب ظنًا منها أنها بإتخاذها القرار ستنتصر على كل من دمروا حياتها وحرموها من الحب الذي تمنت أن تحسه دائما, ولكنها لم تكن تدري ما يخبئه لها القدر. أما أهل حبيبة فقد رفضوا في البداية وياليتهم أصروا على ذلك.
ولكنهم وافقوا عندما وجدوا حبيبة تعتبر الموضوع نوعا من التحدى أو أنه أشبه بالحرب التي يجب أن تكون هي المنتصرة فيها وتم خطبتها, أما إياد فقد علم بأن حبيبة قد انفصلت عن عمار فعاد من سفره سريعًا وجاء مرة أخرى يتقدم لخطبتها ولكن الحظ لم يكن حليفًا لحبيبة ولم يساندها القدر, فعندما عاد إياد علم أنها قد تم خطبتها على راجي فسافر ثانية, علمت حبيبة أن إياد كان سيعود لخطبتها لولا علمه بارتباطها, ندمت حبيبة كثيرا على موافقتها على راجي ولكن هيهات أن يرجع الندم ما فات, في هذه المرة لم تدمع عين حبيبة وإنما بكى قلبها وانقبض قلب حبيبة إنقباضة قوية, وأحست حبيبة أن هذا القلب لن ينقبض ثانية أبدا إلا للحزن على حب إياد وعاهدت نفسها أن يظل هذا القلب ينبض بحبه فقط طوال حياتها حتى وإن أطمئنت لشخص آخر إلا إذا كان أولادها.
أما راجي فلم يكن شابا رومانسيًا رغم أنهم كانوا في فترة الخطوبة وهي أجمل فترة يمر الخطيبان بها قبل أن يجمعهما منزلا واحد.
مرت فترة الخطوبة ولم تخرج حبيبة مع راجي أبدا, كما أنه لم يكلمها كلاما رومانسيا يدل على الحب أو الاعجاب ولا مرة واحدة, ولكن الأمل كان يملأ حبيبه فقد كانت ترى أن راجي إنسانا غامضا وكانت تكذب إحساسها الذي يقول لها أنه أنانيًا باردا, فكانت تأمل أن يعم الحب بينهما بعد الزواج, كما أنها اعتبرته منقذا سيأخذها من قصر الهموم والأحزان الذي تحيا فيه.
اقترب موعد الزفاف وأحست حبيبة بالخوف فهي لم تستطع التعرف على شخصية راجي جيدا خلال فترة الخطوبة التي دامت عامان ولكنها رأت أن التراجع خاصة في هذه شيء خاطئ وسيدر عليها العديد من المشكلات التي هي بغنى عنها. كما أنها لم ترى حجة تجعل بها راجي غير مرغوبا به, كما أنها قد بلغت الثالثة والعشرون من عمرها فإن لم تتزوج هذه المرة فلن تتزوج أبدا كما أنها ستصبح منبوذة من أهلها ومن الناس.
وأخيرًا أتى اليوم الذي تنتظره كل أم وتفرح به كل فتاة وتم عقد قران حبيبة على راجي وبعد إنتهاء الحفل أخذ العريس عروسه إلي منزلهما, دخل العروسان وأغلق راجي الباب, كانت أول مرة تخرج فيها حبيبة من منزل والديها وتذهب لمنزل آخر, كما أنها الآن مع رجل غريب عنها لا يربطها به غير عقد تم تسجيله عند مآذون, توترت حبيبة وارتبكت كثيرا ولكنها نظرت إلي راجي وتوقعت منه كلمة حب تساعدها على الخروج من تلك الحالة, ولكنها فوجئت بقول غريب.. فأول ما قاله العريس لعروسه في ليلة العمر: غرفة النوم آخر الردهة يمينا فاذهبي وبدلي ملابسك ثم جهزي لنا العشاء لأني جائع ولم أكل شيئا منذ الصباح فقد كنت أكمل ما تبقى في منزلنا.
شعرت حبيبه بخيبة الأمل والحزن وعلمت أنها كانت على حق فلن تستطيع أبدًا أن تحب راجي وأنه ليس على استعداد أن يحب شخصًا آخر غير نفسه, نفذت حبيبة ما طلبه منها زوجها وأعدت العشاء فجلس وأكل وحده بعد أن دعاها ولكنها كانت خجولة فرفضت أن تآكل وذهبت للنوم.
وفي الصباح استيقظ راجي مبكرا فجهز طعام الإفطار وتناوله وحده وترك حبيبة نائمة وعندما استيقظت حبيبة ووجدته قد تناول الطعام من دونها اندهشت وسألته لماذا لم توقظني كي أعد لك الإفطار لنفطر سويا, فأجابها قائلا: لم أرد أن أقلقك. أدركت حبيبة أن هذا الإنسان بارد المشاعر, متبلد الأحاسيس, لا يوجد في قلبه مكان للحب فهو حتى لا يهتم إذا كانت قد آكلت معه أم لا. عاشت حبيبة مع راجي حياة جافة, ومرت الشهور وهي لا ترى من راجي أي مشاعر نحوها, ولا تشعر بالراحة مع آهله فهم لم يحبونها يومًا وكانوا يعاملونها معاملة ليست جيدة ولكنها كانت تعامل الجميع بنية صافيه وتكرم الضيف, فلم تعرف شيئا عن الخبث واللؤم فلم تكن يومًا تكره أحدا أو تكن لآخر الشر.
كانت حبيبة تحظى ببعض اللحظات السعيدة مع صديقاتها في العمل فكان يخرجن سويًا ويتنزهن, ولكنها أحست بالسعادة الكبرى حين علمت من الطبيبة أنها حامل, وشعرت بداخلها أن هذا الطفل سيكون من تعيش لأجله وربما هو من يحسن العلاقة بينها وبين زوجها راجي, علم راجي بالخبر ولكن راجي لم يكن بالزوج المسئول فلم يهتم بسؤالها يوما عن صحتها وصحة الطفل, كما أنه لم يذهب معها إلي الطبيبة أبدا ليطمئن عليها, حاولت حبيبة جاهدة أن توفر لذلك الطفل أجمل حياة فكانت تدخر من راتبها من وراء زوجها لتحضر الملابس الجميلة والألعاب الممتعة فقد كان يمنعها دائما من صرف المال في الأشياء التي لا تهم بنظره, فكانت تدخر من ورائه لتشتري لطفلها ما يحتاج وتقول له أن هذه الأشياء هدايا من أمها وعمتها وهكذا.. أما راجي فكان كل ما يهمه ألا تطلب منه حبيبة المال لأي سبب.
مرت الشهور وأنجبت حبيبة وكانت في غاية السعادة حين علمت أنها وضعت طفله. علم راجي ذلك وفرح أيضًا, ولكن فرحته لم تكن في مثل فرحة حبيبة فقد أحست أن الله عوضها بتلك الطفلة حتى تكون صديقتها وأنيستها ولكي تربيها وتعلمها وتعطيها ما لم تستطع هي أن تأخذه, تم تسمية الطفلة ميار ثم قام أهل حبيبة بذبح الذبائح وإقامة العقيقة والسبوع للطفلة ودعا لها الجميع أن يحفظها الله ويحميها
.
كانت ميار جميلة وذكية منذ أن كانت طفله في شهرها السابع فقد كانت تمكن من المشي والكلام والتعرف على الأشخاص, ولكن ميار مرضت فجأة مرضًا شديدًا وكانت على وشك الموت فحرارتها مرتفعه لا تنخفض, لا تآكل ولا تشرب ولا يمكنها أن تأخذ دواءًا فهي طفلة لم تكمل العام بعد.
حزن الجميع على ميار وبكت حبيبة بكاءًا مريرًا وقلقت على إبنتها فهي الأمل الوحيد الذي تعيش من أجله وظلت تدعي لها ليلا ونهارًا وتقبل الله دعائها فبرغم مرض ميار الشديد إلا أنها تحسنت بإذن الله ثم أتمت العلاج حتى شفيت تمامًا وأصبحت في أحسن حال.
كانت ميار تكبر يومًا بعد يوم أمام عين أمها حبيبة وكل يوم يزداد فرح حبيبة بها, وأملها فيها, دخلت ميار المدرسة وكانت تلميذة متفوقة يعرفها جميع العاملون بهيئة التدريس بالمدرسة بينما كانت العلاقة بين راجي وحبيبة تزداد سوءًا, مما جعل حبيبة تشعر بالضيق فلا تحسن معاملة أحد حتى ابنتها ميار والتي كانت في ذلك الوقت قد انتقلت إلي المرحلة الإعدادية. لم تدرك ميار قدر الضغوط النفسية التي تمر بها والدتها, وكل ما كانت تفهمه هي أنها ليست على علاقة جيدة بأمها, فكانت دائمًا تلجأ لأبيها كي تقص وتحكي له ما تواجهه من مشكلات فيساعدها على حلها. كانت ميار تخاف من أمها كثيرا فلا تقترب منها ولا تتحدث معها, وكانت حبيبة والدة ميار لا تستطيع التحدث إلي ابنتها بما بداخلها وما تعانيه فهي لا تزال فتاة صغيرة ولا يمكنها تحمل المسؤولية.
ومرت الأيام والشهور والعلاقة تزداد سوءًا بين الفتاة وأمها حتى أنهت ميار المرحلة الإعدادية وكعادتها حصلت على الشهادة بتفوق وتمكنت من الالتحاق بالمرحلة الثانوية, وكانت قد كبرت ووصلت لسن يمكنها فيه من الإدراك والتمييز بين المشاعر وبين الأشخاص, فأحست ميار أن والدتها تحبها كثيرًا وأن والدها لا يعامل والدتها معاملة تدل على الحب فكل ما كان بينهم هو عشرة ومودة, كان كل ما يشغل راجي أن يجمع ما تحصل عليه حبيبة من مال وأن يوفر ما يريده من طعام لكي يحيا حتى ولو ليوم واحد فقط, لم يشغل باله أن يوفر لابنته الحياة المترفة رغم أنه كان يستطيع العمل لتحقيق ذلك, فهو لا يزال رجلاً في كامل صحته, ولكنه كان لا يشغل باله ولا يتعب صحته فكان يعتمد على راتب حبيبة حتى يكمل ما ينقصهم من أشياء يريدونها ولكي يحيوا حياة عادية متوسطة الحال, لاحظت ميار ذلك وحاولت أن تتقرب إلي والدتها خاصة أنها كانت في حاجة إليها في سنها هذا.
وعندما وجدت حبيبة أن ميار تريد التقرب منها والتحدث إليها فرحت بذلك فدائما ما تمنت حبيبة أن تصبح إبنتها هي صديقتها التي تحكي لها همومها وما يشغل بالها من أفكار وما يواجهها في الحياة من مشكلات, خاصة أن حبيبة كانت قد افتقدت صديقاتها اللآتي كانت دائما تتحدث إليهن وتسعد بوقتها معهن, وكل منهن انشغلت بحياتها الخاصة عن الأخرى. قررت حبيبة ألا تبتعد عن ابنتها أكثر من ذلك, ذهبت حبيبة وميار إلي الشرفة فكانت هي المكان المفضل لديهما حيث يستطيعا أن يتحدثًا في كل ما يشغلهما ويعوضا معا ما إفتقداه وكل منهما بعيدة عن الأخرى, روت حبيبة لابنتها كل شيء عن حياتها واتخذتها صديقتها فقد كانت ميار فتاة ذكية يسبق تفكيرها سنها, وبعد أن عرفت ميار كل شيء عن حياة والدتها وما تتحمله من عناء مع والدها حتى تعيش هي وأخوانها سعيدة لا ينقصها شيء.
كانت ميار أيضا تقص المشاكل التي تواجهها لأمها فقد حدثت لميار مشكلة جعلتها تنظر للحياة نظرة قاتمة, كانت ميار على علاقة بإنسانة اعتبرتها صديقتها الوحيدة فكانت تحكي لها عن كل شيء وعندما شعرت تلك الصديقة أن ميار تميل إلي إقامة صداقة مع فتاة أخرى غيرها حاولت أن توقع بين ميار وبين تلك الفتاة الآخرى, وحدث ما لم تتوقع ميار فقد صدقت الفتاة الآخرى كل ما قالته صديقة ميار عنها وابتعدت عن ميار, حزنت ميار حزنًا شديدًا ولولا اقترابها من أمها لما تعدت هذه المحنة, فقد ساعدتها أمها على أن تنسى هؤلاء الفتيات وأقنعتها بأنهم لا يستحقون البكاء ولا الحزن من أجلهم. كبرت ميار وأنهت المرحلة الثانوية وإلتحقت بالجامعة, فرحت حبيبة كثيرًا بإبنتها ميار وأحست إن الله سيبلغها ما تريد وفرح إخوة ميار بنجاح أختهم الكبرى, وتمنوا أن ينهوا دراستهم أيضًا في المرحلة الثانوية بمجموع يؤهلهم للالتحاق بما يتمنون من الكليات المرموقة, وفرحت ميار وتمنت النجاح للجميع في كل مراحلهم العمرية والدراسية.
أصبحت ميار شابه ذكية, جميلة, ومتميزة سعيدة بدراستها في الجامعة وبأصدقائها وزملائها الجدد, بينما ظلت حبيبة تعيش مع زوجها راجي وكل ما تتمناه في الحياة أن يحيا أولادها حياة سعيدة وأن تحصل ابنتها ميار على الحب وعلى كل ما لم تستطع هي أن تحصل عليه, وبقت حبيبة تنتظر لقائها بحبيبها إياد وتمنت أن تراه وأن تحيا معه ولو للحظة واحدة في حب وسعادة قبل أن تنتهي حياتها فهي لن تنساه ولو ليوم واحد منذ تركها وتركته حتى وإن كان هو قد نساها, كانت تندم كل يوم لأنها أطاعت أهلها في مسألة مصيرية وعاهدت نفسها أن تساعد ابنتها ميار على إختيار الشخص المناسب الذي يحبها وتحبه حتى لا تحيا حياة حزينة كما تحياها هي.
أما إياد فقد تزوج من إمرأة أخري وأنجب أولادًا وكان هو أيضا يتمنى لقاء حبيبة ليخبرها أنه لن يحب يوما إمرأة غيرها وأنه سيظل دائمًا يتذكرها حتى آخر يوم.
وهكذا الآن يعيش الحبيبان إياد و حبيبة وكل منهم يكمل رسالته بتربية أولاده ويتمنوا ألا يحدث ما حدث لهم لأحباب آخرون وأن يتمكن كل إنسان من إتخاذ قراره بنفسه دون ضغوط أو تهديد.

الكاتبة
رغــــــدة عـــــماد

الاثنين، ١٦ أبريل ٢٠٠٧

HORIZON'S NOKAT أضحك مع أسرة الأفق







- مرة واحد أسكندرانى نزل في محطة الرمل رجله غرزت.
- واحد صعيدي كسب 60 مليون دولار إشترى رونالدو.
- أيام الرسائل عن طريق الحمام الزاجل: واحد بعت طير لصديق له ولما وصل الطير بص الصديق على رجل الطير ما لقاش ورقة او رسالة فلما شاف صديقه اللي بعت له الطير من غير رسالة سألوه ايه قصة الطير اللي مافيش برجله رسالة بعتوا ليه ؟ قام قال له اصلي بعتلك مسد كول.
- مرة واحد كل لما يعدى من شارع يشوف واحد بيشرب سجارتين فساله : ليه كل لما اعدى من هنا اشوفك بتشرب سجارتين؟ قاله: اصل انا كان ليه واحد صاحبى متعودين انو احنا نشرب سجاير هنا وصاحبى ده سافر فانا بشربلى وبشربله.. بعدها بفترة صاحبنا ده عدا شافه بيشرب سجارة واحده فقاله انت بتشرب سجارة واحده ليه؟ قاله: اصل انا بطلت سجاير.
- سواق تاكسى دخل ينام مراتة قفلت علية الباب ندهلها وقالها افتحى الباب واقفلية تانى.
- واحد حب يعمل فهلوى قال انا هاصطاد بالموسيقى راح الغابة اول يوم وقعد يعزف يعزف جت النمور جنبه ونامت راح ماسكها وحطها فى الاقفاص تانى يوم عمل نفس الحكاية واصطاد غزلان ثالث يوم شاف اسد قال لازم اصطاده النهارده راح قعد يعزف يعزف والاسد راح هاجم عليه المهم الاسد اكل صاحبنا ده فكان فيه اتنين نسانيس على الشجرة واحد قال للثانى مش قلت لك مسيره هيجيله الأسد الأطرش.
- واحد بلدياتنا عمل 2 إيميل، واحد دوت كوم للشتاء وواحد نص كوم للصيف.
- واحد بلدياتنا رجع من امريكا قاعد بيحكي لأبوه وأمه الحاجات الغريبة اللى شافها،، دانا شفت هناك واحد وقع من فوق عمارة طويييلة.. قعد ثلاث ايام لحد ما وصل الأرضأمه سألته: طيب مات ؟؟ ابوه رد عليها: ثلاث أيام لا يأكل ولا يشرب .. أكيد يموت!
- مدرس رياضيات اتجوز مدرسة رياضيات انجبوا طفل متساوى الساقين.
- مره واحد عداه العيب اخد الي بعده.
- واحد فاتح محل سمك ابنة مات فقال كان لسة صاحى وبيلعب.
- مره واحد بيقول لصحبه انامراتى زى الملاك قاله يا بختك انا مراتى لسه عايشه.
- مره واحد ركب اوتوبيس شاف واحده قاعده راح بصلها فبصتله , ضحكلها ضحكتلو غمزلها غمزتلو راح شاورلها على المحطه , فنزلت ....راح قعد مكانها.
- واحد جاب دش كبير اوي و حطة علي سطح البيت عندة,خاف علية لحد يسرقة فنزل الشارع وقال للناس محدش يطلع السطح علشان جاب كلب كبير قوي فوق.و بعدين اتنين اخدهم الفضول فواحد قال للتاني تعرف تطلع؟قالوا اة اعرف...طلع و لما نزل كان خايف فصحبة قالة شوفت الكلب؟قالو لا بس شقت الطبق اللي بياكل فيه.
- اتنين مساطيل حبوا يسرقوا عماره فقالوا لبعض احنا ناخد العمارة بعيد ونسرقها براحتنا ، فقلعوا الهدوم وقعدوا يزقوا فى العمارة يزقوا ، جه واحد من وراهم وسرق الهدوم ، فواحد منهم بص ورا ملقاش الهدوم فقال له كفاية كده احنا بعدنا أوى.

الاثنين، ٢٦ مارس ٢٠٠٧

شاشة عرض - من مجلة أسرة الأفق


التكــريم دائما لأســـرة الأفـــق
دائمًا يبقى التكريم لمن يستحقه، وهكذا للعام السادس على التوالي يبقى التكريم لأسرة الأفق. وبعد حصول مؤسس الأسرة/ محمد علي حسين على لقب الطالب المثالي لعام 2003، ومؤسسى الأسرة إيهاب عادل شعبان (التكريم عن النشاط الثقافي بالكلية)، ومحمد سلامة عبد المطلب (التكريم عن نشاط الأسر بالكلية) ومن بعدهم أيضًا حصلت / زهراء سيد رجب مقرر عام الأسرة على لقب الطالبة المثالية فى عام 2005، جاء التكريم هذه المرة للطالب محمود جمال عبدالبديع مقرر مساعد الأسرة على لقب الطالب المثالي لعام 2007على مستوى الكلية كما حصل على المستوى الثاني من المسابقة على مستوى جامعة بني سويف، ليساهموا معنـا فى حصول الأسرة دائما على لقب الأســرة المثالية وليبقى التكريم لمن يستحقه.
وفاء سيد رجب 4 فرنسى



أســــرة لهــا تـــــاريــخ

مرحباً بك عزيزي الطالب على موقع أسرة الأفق Horizon، وفي عام الأسرة السادس ومن داخل مجلة الأسرة (شــاشة عرض) وفي عددها الرابع، ذلك الموقع الذي نسعد من خلاله بعرض كل ما قامت الأسرة بتقديمه فى العام الدراسي المنقضي وهذا العام أيضًا من أنشطة متنوعة، ونبدأ بما قامت به الأسرة على مدار العام المنقضي ومنها إقامة إفطار جماعي خيري وضم الإفطار عدد كبير من أطفال المؤسسة الاجتماعية لرعاية الأيتام ببنى سويف، وبمشاركة العديد من طلبة وطالبات الكلية. إلى جانب ذلك ورداً على الإساءة الموجهة للرسول صلى الله عليه وسلم أقامة الأسرة ندوة دينية للتعرف على أخلاقيات الرسول (ص) حاضرها الدكتور علي حسن أحمد الأستاذ بكلية دار العلوم بالمنيا، وكان إلى جانب إقامة معرض ثقافـي فنـي خامس استغرق إعداده قرابة ثلاثة أشهر، أخيراً بعون الله تم إقامة المعرض لمدة خمسة أيام وشرفه بالافتتاح العديد من أعضاء هيئة التدريس، وعدد هائل من الطلاب ونشكر لجميع من حضر المعرض إثنائهم على ما كان فيه ومشاركتهم معنا فى إبداء الآراء عن أحسن اللوحات. وعن الرحلات قامت الأسرة بتنظيم ثلاث رحلات إلى كل من (القاهرة / ملاهي دريم بارك / الفيوم) كما قامت الأسرة بتنظيم دورة لكرة القدم باستاد بنىسويف، وقامت أيضا الأسرة بتكريم مجموعة كبيرة من الخريجين المتميزين على المستوى العلمي والنشاط الكبير طوال أربع أعوام قضوها بالكلية. أما على مدار هذا العام حاولنا جاهدين أن نرتقي بأنشتطنا المتنوعة ونبحث عن الجديد، فبدأنا كالعادة بتنظيم إفطار جماعي خيري سادس للأسرة، ندوة دينية بعنوان (نصر بدر)، إلى جانب رحلة إلى ملاهي دريم بارك وأخرى إلى مدينة القاهرة، كما قمنا بتنظيم ثلاث دورات للإسعافات الأولية .. ودورة للخط العربي .. ودورتان لكرة القدم بالصالة المغطاة ضمت فرقًا من معظم كليات الجامعة، ونقوم حاليا بالإعداد لتنظيم معرضنا الثقافي والفني السنوي وأيضا التجهيز للاحتفال بيوم اليتيم مع أطفال مؤسسة الأيتام ........ ولسه .... ولسه، وأخيراً نقدم لكم هذه المجلة الورقية كي نختتم بها جهدنا لهذا العام، ولنستمر معكم فى مسيرة العطاء. فمرحباً بكم أعضاء نشطين داخل أسرة الأفـق ... فى انتظار العام القادم بإذن الله.
عمر الصعــيدي فرنسى


يا رب أســالك من الألف للياء
اللهم ارزقنا بالألف ألفة ... والباء بركة .... والتاء توبة ..... وبالثاء ثوابا .... وبالجيم جمالا ..... وبالحاء حكمة ..... وبالخاء خيرا..... وبالدال دليلا .... وبالذال ذكاء ..... وبالراء رحمه ..... وبالزين زكاة .... وبالسين سعادة .... وبالشين شفاء ..... وبالصاد صداقة .... وبالضاد ضياء ...... وبالطاء طاعة ...... وبالظاء ظفرًا ....... وبالعين علمًا ..... وبالغين غنـًا ..... وبالفاء فلاحًا .... وبالقاف قناعة ..... وبالكاف كرمًا ..... وباللام لطفًا ..... وبالميم موعظة ...... وبالنون نورًا ..... وبالهاء هداية ..... وبالواو ودًا ..... وبالياء يقينًا ..... يا رب العالمين.


بيقــوووولـــــــــــوا...........
* المدارس الحكومية..... هي تلك الرياح العاتية التى تطفأ شمعة ذكاء الطفل المصري.
* المستشفيات العامة..... هي ذلك المكان الذي إذا دخلته فإنك على أحسن الفروض تخرج منه مريضًا.
* الجنون..... هو الحالة التي تنتاب المرء فجأة فيفصح فيها عن رأيه بصراحة.
* الكتاب..... يجب أن يكون في كل بيت، يتسلى به الجاهل بصورة وينعم العاقل بحكمة، وتستخدمه ربة المنزل في لف السندوتشات.
* هوس كرة القدم..... إدمان لا يعاقب عليه القانون.
* الحب..... هو النجم الذي يتطلع إليه الرجال وهم سائرون للأمام.
* الزواج...... هو البئر الذي يسقطون فيه .. مشغولون بالنظر إلى النجم.
محمد رمضان 4 رياضيات


للبنـــات وبس ! ! !
* كل امرأة تنظر رجل أحلامها.. ولكنها تتزوج أول قاطع لطريقها.
* المرأة تخلق المشاكل والرجل يبحث عن حلولها.. ومن هنا يأتي الاختراع!!
* الشيطان يكفيه عشر ساعات ليخدع رجل.. أما المرأة فيكفيها ساعة واحدة لتخدع عشر رجال، بل الشيطان نفسه!!
* إذا قالت المرأة لا أحب الكذب!... فهذا هو الكذب بعينه.
* أفكار المرأة أنظف من أفكار الرجل... لأنها تغيرها كل ساعة.
* خلق الله أدم قبل حواء لكي يبكي على الأيام الحلوة التى عاشها من غيرها!!
إســلام سيد عبدالفتاح 3 إنجليزى


مـــــــــــــــــــــــرة...........
# واحد قبل ما يموت جمع ولاده التلاتة وحب يوصيهم يفضلوا ايد واحدة، وأعطى لكبيرهم عود خشب كسره بسهوله أعطاه اتنين كسرهم بسهولة برضه ثم أعطاه خمسين عود كسرهم بسهولة قال لهم طالما معاكم البغل ده مافيش خوف عليكم.
# # ولد صغير راح لأمه قالها ماما.. ماما أنا شفت الواد اللي فوقينا بيبوس البت اللي تحتينا قالتله ملكش دعوة يا حبيبي دول بيحبوا بعض وهيتجوز قالها الولد يعني أي اتنين بيبوسو بعض يبقو هيجوزو قالتله آه يا حبيبي. قالها طب بابا هيجوز الشغالة امتى؟؟
عبيـر محمد صـلاح 2 إنجليزى



انـتــقــــام الــقــدر
أصيبت زوجة بانهيار عندما بلغها أن زوجها قد تخلى عنها وهجرها..فبكت ساعة كاملة ثم جرت نحو النافذة وألقت نفسها من الطابق الثالث ولكنها لم تمت.. حيث سقطت على رجل يسير في الشارع وقتلته على الفور والعجيب أن الرجل الذي سقطت عليه ومات هو زوجها السابق. أحمد حنفي 3 إنجليزى


قــــــيس ولحــمه
بشوق ناديت عليكي ........... والحب في إنتظار ....... والقلب مستنيكي ......... تطبخي شوربة خضار ........... ومش قادر عالبعاد ............ ريحة البصل وحشاني ............ نفذي قوام وعدك ............ واطبخيلي بامية تاني ............ والمحشي آه عالمحشي ............ سقط ومانجحشي ............ شال فلفل وتوم ............ وشاط وما نفعشي ............ يجري قوام عالرز
ويحضن بشوق الوز ............ ويهز وسطه هز ............ ويقول العز وز
مروان العناني 1 فرنسى

أقوال مكســـورة
* من خرج من داره ... ما ينساش ياخد المفتاح معاه.
* اطبخي يا جاريـة.


.....العـدد الرابـع من......
مجلة أسرة الأفق أبريل 2007
......إشـراف....
د.محمد أحمد عبدالقادر
رائد الإتحاد ورائد أسرة الأفق

....رئيس التحرير....
عبد الرحمن على حسين
...مقرر عام الأسرة...

.....................................هيئـة تحرير المجلة ..................................
مروان العنــاني .. إيمان خميس محمد .. ســارة جابـر سلـيم .. صفاء محمد عزام.. علي محـمد علي


مع تحيات مسئولى موقع أسرة الأفق ومؤسسى الأسرة
,,,,,أ. محمد على حسين أ. إيهاب عادل شعبان ,,,,,,
......(من دولة الإمارات العربية. دبى).......

الأحد، ٢٥ مارس ٢٠٠٧

ندى - قصة قصيرة من مجلة أسرة الأفق


جلست ذات يوم في حديقة منزلي حيث اعتدت أن أكتب بعض القصص التي أعاصرها أو أسمع بهظرت إلى ذاك الورد الأحمر الجميل الذي زينت به زوجتي الحديقة.. سحرني ذلك المشهد.. ورد أحمر أخّاذ.. تقطر منه قطرات الندى!.. التفتت سريعا إلى ورق الكتابة وأمسكت بالقلم فقد وجدت الا.. شعرت بحيرة في بادئ الأمر.. لم أقرر بعد أي قصة سأكتب!.
نقصة المناسبة التي سأتحدث عنها.. هي قصة فتاة أجمل من الورد.. هي قصة ندى.. فتاة عاشت بالمنزل المجاور لمنزلنا.. كنت على علاقة وثيقة بوالدها, وقد عرفت الكثير عنها وأخبرني والدها بما جرى معها, كما زودتني صديقه لها ببقية التفاصيل.
ندى, تلك الفتاة الجامعية المرحة الطيبة التي اشتهرت بحسن خلقها وبلطفها وحبها لمساعدة الآخرين.. لطالما كانت مثال للفتاة التي تحب الحياة وتحياها في كل لحظة.. ولكن هذا لم يدُم.. فقد تغير حالها منذ نحو ثلاث سنوات.. فلم تعد ندى التي عرفها الآخرون.. كانت ندى في عامها الجامعي الثالث وقد تقلدت منصباً في إتحاد الطلبة يخوِّلها مساعدة بقية الطلاب على حل مشاكلهم مهما بدت صغيرة وتافهة للآخرينندى..
تلك الفتاة الجميلة الفاتنة التي سخرت وقتها لمساعدة الجميع لم تكن تدري شيئا عما يخبئه لها القدر.. وقد بدأ الأمر حين أتاها ذات يوم شاب يعرض عليها مشكلته.. لم تتعرفه ولكن بدا لها مألوفاً.. استأذن أن يجلس فأذنت له وقالت: أهلا وسهلا بك.. كيف يمكنني أن أساعدك؟.
كاد أن يبتسم ابتسامة ساخرة إلاّ أنه منعها وقال: سمعت أنك تساعدين الطلاب على تجاوز مشاكلهم وأنك تقدمين حلولاً جيدة, وسمعت أن لك آراء ملؤها الأمل والطموح, سمعت الكثير والكثير عنك فشجعني هذا على أن آتي إليك لأعرض عليك مشكلتي فربما تمكنتي من مساعدتي على حلها.

ذلك الشاب يُدعى أمجد.. وهو شاب يوصف بأنه مستهتر.. يكبر ندى بعامين ولكنه في عامه الجامعي الثاني حيث أنه رسب عدة مرات, لم يكن أمجد إنساناً سيئاً إلى هذا الحد الذي يعتقده الآخرون.. ولكن ندى لم تكن تعرف أي شيء عنه وقتها.
قالت ندى بلطف معتاد منها: اشرح لي مشكلتك وبإذن الله سنتمكن من إيجاد حل لها
صمت الشاب لوهلة وقطع صمته حين أخرج لفافة صغير من جيبه وأعطاها لندى وقال: تلك هي مشكلتي!.
شعرت ندى بالاستغراب والفضول في نفس الوقت, نظرت إلى تلك اللفافة وبدت عليها الدهشة فقالت: ما هذا الشيء؟.
كاد الشاب أن يضحك إلاّ أنه تمالك نفسه وقال: يسمونه المخدرات.. مشكلتي أني... وقبل أن يكمل كلامه وقفت ندى فزعة وقالت بعصبية: ماذا تقول.. كيف تجرؤ على إحضار تلك السموم إلى داخل الجامعة.. ألا تعلم العقاب الذي ستلقاه إن تم ضبط هذا الشيء معك.. هذا المكان محترم ولا يجوز أن نحضر تلك الممنوعات إلى الحرم الجامعي.
استاء الشاب ووقف وقال بسخرية: إذاً الكلام الذي سمعته عن طيبتك ولطفك كان خاطئ.. أنت لست كما تدعين.. مثلك مثل أي شخص بالخارج.. أتيت إليك كي تساعديني لا أن تخبريني بالعواقب التي أعرفها مسبقاً.. من الأفضل لك أن تستقيلي من هذا المنصب وتتركيه لمن هو أكثر أحقيه منك.. لمن يجيد حل المشاكل فعلاً!.

وخرج غاضباً في حين خلًّف وراءه ندى في حيرة من أمرها.. كلامه كان صواباً.. فلم يكن يجدر بها أن تحادثه بتلك الطريقة أو أن تقول له هذا الكلام.. كان من المفترض بها أن تساعده للتخلص من مشكلته وعوضاً عن هذا أنّبته كما يفعل الكبار مع الصغار حين يخطئون. مرت عدة أيام لم تكن ندى فيها على طبيعتها وقد انتبهت صديقتها المقربة ريم إلى هذا الأمر جيداً فقالت بينما هما يسيران في حديقة الجامعة: ما الأمر ندى.. تبدين مشغولة البال.. ماذا حدث معك؟.
جلست ندى وريم على أحد المقاعد وقصت عليها ما حدث بالتفصيل وبعد أن انتهت قالت ريم: لقد عرفت عمّن تتحدثين يا عزيزتي.. إنه من أكثر الشباب فشلاً وتهوراً في الجامعة.. الجميع يعرف أنه يرافق جماعة مدمنة على كل ما يخطر ببالك من أنواع المخدرات ولا بد أنه مثلهم.. أي مدمن.. لا داعي أن تشغلي بالك به فأمثاله لا يمكن مساعدتهم.. إنه ثري ويفعل ما يحلو له.. يعبث بالأموال ويؤذي نفسه.. من الأفضل أن تنسي الأمر لأن أي موضوع يتعلق بذلك الشاب المدعو أمجد قد يسبب لك مشاكل حقيقية.. انظري إلى هؤلاء الحمقى الفاشلين.. إنهم أصدقاؤه... أخبريني.. هل الأمر يستحق العناء!.
كان أمجد يرافق مجموعة من الشباب الذين لم يأتوا إلى الجامعة لتلقي العلم.. وقد شُوِّهت سمعته أكثر حين أصبح صديقاً لهم.. لم يكن أمجد شاباً مدمناً بالمعنى الحرفي..
ولكنه كان يجاري أصدقاءه حين يكون معهم.. فأصبح الجميع ينظرون إليه نظرتهم للمدمن.. مثله كمثل أصدقاءه. كانت ندى شاردة الذهن تماماً ولم تنتبه إلى كلمة واحدة مما قالته صديقتها وحين أنهت ريم كلامها قالت ندى: ريم إلى اللقاء الآن أراك فيما بعد.
وذهبت سريعًا في اتجاه لم تبينه ريم.. لم تأبه ريم لتصرف ندى فقد اعتادت مثل هذه التصرفات الغريبة منذ زمن.
توجهت ندى إلى أحد مداخل الجامعة حيث لمحت أمجد يقف وحيداً بالقرب من البوابة.. دنت منه وقالت بلطف: مرحباً.
نظر إليها أمجد وقال بسأم: أهلاً.. ماذا تريدين؟.
شعرت بالحرج إلاّ أنها ابتسمت وردت سريعاً: أود أن أعتذر عمّا بدر مني ذلك اليوم.. أنا آسفة بالفعل ما كان ينبغي لي أن أرد عليك بتلك الطريقة, أود حقاً أن أساعدك إذا سمحت لي.. ومعاً قد نتمكن من إيجاد حل لمشكلتك.
ابتسم أمجد وقال: تريدين مساعدتي حقاً؟.
ردت سريعاً: نعم, وسأفعل ما يلزم لمساعدتك.
اقترب منها قليلاً وقال: إذا تزوجيني!.
أُصيبت ندى بالدهشة فقالت: أتمازحني؟.
أومأ برأسه نفياً وقال: لأول مرة أكون جدياً في حياتي..
هل توافقين؟.
كانت ندى أسيرة الذهول فلم تنطق بكلمة واحدة, لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يعرض فيها أحدهم على ندى الزواج ولكنها كانت المرة الأولى التي تعجز فيها عن الرد.. قال أمجد بعد صمت طويل من ندى: ندى.. أريد أن أُخبرك بأمر أدركت أنك تجهليه حين أتيت إليك ذلك اليوم.. ندى أنا طالب لي سجل حافل بالرسوب كما أني غير مكترث بالدراسة أو بأي شيء في هذه الدنيا.. لا أتحمل المسؤولية على الإطلاق وليست لي وظيفة وعوضاً عن هذا يعطيني أبي ما أريد من أموال فهو لا يرفض لي طلب. الجميع يعلم أني فاشل تماماً ولكن ندى.. هناك شيء لا يعرفه الآخرون وأريدك أن تعرفيه.. أنا لم أكن هكذا من قبل.. صدقيني ندى لست بالشخص السيئ.. في وسعي أن أتغير لأجلك فقط إن وافقت.. ندى امنحيني فرصة وسأُثبت لك بأني جدير بالثقة. أعلم أني لست مثالاً جيد للزوج ولكن هذا شعوري وتلك رغبتي وقد صارحتك بهما, كان من الممكن ألاّ أتسرع بطلبي وأن أطلب صداقتك أولاً.. ولكني أعرف الكثير عنك ندى.. لقد كنت أتابع جميع تحركاتك وأخبارك مُنذ كنتِ في العام الأول, أُعجبت كثيراً بشخصيتك وبالطريقة التي تتعاملين بها مع الآخرين.. كنت الأخت والصديقة والمعينة لمن يحتاج إليكِ وقد كنت متفوقة ذات صيت كبير, أنت لم تلحظيني يوماً ولكني كنت آتي إلى الجامعة على أمل أن ألمحك من بعيد.. حين كنت أراكِ في الصباح كان ينتابني شعور بأن اليوم سيكون جميلاً.. مثلك تماماً ندى.. ابتسامتك الجميلة وتعاملك الرقيق جعلني أنجذب إليكِ رويداً رويدًا.. إلى أن أدركت في وقتٍ غير بعيد أني لا أستطيع أن أحيا بدونك.. صورتك لا تفارقني وصوتك يتردد كلحنٍ عذبٍ في مخيلتي, وددت أن أجد الفرصة المناسبة للحديث معك ومصارحتك بما يجول في بالي.. ترددت كثيراً واحترت فلم أعرف أي مدخل سيكون مناسباً لك.. لو طلبت صداقتك فلن تمانعي لأنك صديقة الجميع والكل يحترمك ويقدرك.. وقتها لن تتمكني من معرفة شعوري تجاهك.. لذا قررت أن أختصر الطريق وأن أكون صريحاً معك فقد عرفت عنك شدة صراحتك وأنك لا تحبين الطرق الملتوية... أتيتك من أقرب الطرق وصارحتك ولم أخفي عنك شيئاً أملاً في أن يروقك ما بدر مني وأن تأخذي كلامي على محمل الجدية... وردك؟.
لم تدري ندى ماذا تقول إلا أنها جمَّعت بضع كلمات وقالت: أعطني وقت لأفكر فيه وسأُخبرك بردي.
بعد تلك المحادثة لم تلتق ندى بأمجد ما يقارب الأسبوع.. فلقد كان أمجد دائم التغيب عن الجامعة.. وبينما كانت ندى برفقة صديقتها ريم قالت الأخيرة: لا أُصدق يا ندى.. أنت تبدين اهتماما غير طبيعي بذلك الشاب.. ندى إنه لا يناسبك وعرضه عرض أحمق.. أنت لن ترتبطي بفاشل.. ندى فكري ملياً ولا تتسرعي.. لقد أثر عليك بأسلوبه الناعم.. صحيح أن صراحته مؤثرة وصحيح أنه شديد الوسامة وثري.. إلا أنه لا يناسبك.. أنت إنسانه صالحة وهو ليس كذلك.. أرجوك ضعي هذا بعين الاعتبار كانت ريم تكبر ندى بعام واحد إلا أنهما كانتا في سنة دراسية واحدة وسبب هذا هو أن ريم رسبت في عامها الدراسي الأول ولذا أصبحت هي وندى في نفس السنة الدراسية.
لم تكن ريم بالطالبة المهملة إلاّ أن سبب رسوبها ارتبط ارتباطا وثيقاً بشاب يُدعى رائد.. وقد كان واحداً من أولئك الفتية الذين يرافقهم أمجد الآن.. حدث هذا منذ وقتٍ طويل.. إلاّ أن ريم لم تنسى ما حدث. تعرفت ريم ذات يوم على رائد والذي كان مذهلاً بنظرها.. كان قد أقنعها بحبه لها وبالرغم من معرفتها أنه يرافق أكثر الشباب سوءاً في الجامعة إلاّ أنها لم تهتم لذلك.. فحينها كان كل ما يهمها هو حبها الكبير لرائد وحبه لها..
ظلت ريم غافلة عن حقيقة الشاب الذي تمنت أن يشاركها حياتها إلا أن أتى يوم انكشفت فيه حقيقته أمامها.. وتزامن وقت معرفتها بموعد الامتحانات فشوشت أفكارها وانقلبت حياتها حين علمت أن رائد على علاقة بفتاة سيئة السمعة من خارج الجامعة.. أصيبت ريم بانهيار عصبي قبل امتحانها الأول بيومين فلم تستطع أن تؤدي الامتحان على نحو جيد..

وكان هذا هو الحال مع بقية الامتحانات فرسبت في عامها الأول.. حاول رائد بعد ذلك إصلاح ما أفسده من أمور, ولكن الأوان كان قد فات هذا لأن ريم تقدم لخطبتها شاب جيد فلم تعترض وأحست بالأمان الحقيقي مع خطيبها فكان بمثابة الدواء الشافي لجراحها.. لم تخبر ريم ندى بهذا الأمر لأنها لم تشأ أن تتذكر الماضي حيث أنها اعتبرت ذلك خيانة لخطيبها, فأخفت الأمر عن ندى ولم تذكره مجدداً.. لذا كانت ريم تَكِّن العداوة لتلك المجموعة من الشباب.. وقد كانت قاسية في حكمها على أمجد حيث أنها رأت فيه رائد الذي خدعها فلم تكن تريد لندى أن تتعرض لما تعرضت له هي سابقاً.
بدت ندى مشوشة التفكير ولكنها كانت مقتنعة تماماً بأن أمجد ليس بالشخص السيئ فقالت: ندى.. أمجد لا يختلف عن غيره من الشباب, إنه يعاني من مشكلة.. هذا كل شيء.. ولكن تلك المشكلة لا تعني أنه شاب سيء ولا يستحق أن نثق به.. شعرت بالصدق في كلامه.. وأنا أثق به وأثق بقدرته على تغيير حاله.. إنه فقط يحتاج إلى فرصة لإثبات نفسه وأنا لا أرى ضرراً في أن نعطيه تلك الفرصة..
ريم.. لقد تغير حالي منذ أن التقيته.. لا أعرف ما الذي يحدث لي.. لم أكن هكذا من قبل.. أشعر بشعور غريب علي.. ترى ما السبب!.
قالت ريم وقد بدا عليها الضجر: لست أدري ما أقول.. اسمعي ندى حصلت اليوم على رقم هاتفه الخلوي من إحدى زميلاته في القسم.. لم أكن أنوي أن أعطيكِ إياه ولكن حالك يؤرقني.. اتصلي به ولكن على شرط أن تكوني ندى التي عرفتها وعرفها الآخرون.. كوني متعقلة.. أفهمتي؟.
كادت ندى أن تطير من شدة الفرح حين علمت أن رقم هاتفه مع ريم وقالت بسعادة غامرة: هيا أعطني الرقم ولا تتباطئي, هو لم يحضر منذ نحو أسبوع وأخشى أن مكروهاً أصابه.. هيا ريم هاتِ الرقم.
باستسلام أعطتها ريم رقم هاتفه وسرعان ما سجلته ندى في هاتفها الخلوي وضغطت زر الاتصال فعقبه رنين متواصل قطعه صوت أمجد وهو يقول: أهلاً.. من معي؟.
ارتبكت ندى كثيراً وقالت متلعثمة: أأهلاً أمجد.. تذكرني.. أنا ندى!.
صمت أمجد قليلاً وقطع صمته حين قال: كيف أنساكِ! مرحبا ندى.. كيف حالك؟.
- بدت ندى فرحة وهي تحادثه وقد انتبهت ريم إلى ذلك- وقالت رداً على سؤاله: أنا بخير ولله الحمد.. وأنت.. كيف حالك.. لقد طال غيابك عن الجامعة.. قلقت عليك كثيراً.. أخبرني لما لا تأتي؟.
رد أمجد بهدوء: لا أستطيع.
تعجبت ندى وقالت: لا تستطيع ماذا؟.
تنهد قليلاً وقال: ندى.. لا أستطيع أن آتي.. لقد عرضت عليك أمراً وأنا أشعر أنك سترفضينه.. لذا لم أرد أن ينجرح قلبي بتلك السرعة.. لذا لا أستطيع مواجهتك وسماع الرد الذي أتوقعه منكِ.
قالت ندى بلطف: ومن قال لك أني سأرفض عرضك!.
غلى الدم في عروق ريم التي أنصتت إلى المكالمة جيداً وكادت أن تنتزع الهاتف من ندى لولا أنها توقفت حتى لا ينتبه إليهم أحد وقررت الانتظار لحين انتهاء المحادثة كي تتفاهم مع صديقتها. اتفق الاثنان على موعد محدد للقاء كي يتم التعارف وانتهت المكالمة بأن تمنى لها أمجد التوفيق وأوصاها أنتهتم جيداً بنفسها. انتهت المكالمة وقالت ندى بنبره صوت لا تصدر إلاّ عن فتاة وقعت في شباك الحب: سأُقابله غداً إن شاء الله.. ريم.. أشعر بسعادة كبيرة.
ردت ريم بجفاء: لم أكن أعلم أنك غبية إلى هذا الحد يا ندى.. ألا تفتحي عينيك على الواقع, ألا ترين أنه لا يناسبك؟.
نظرت إليها ندى بحدة وقالت: يكفي يا ريم.. أمجد شخص طيب ولطيف.. لا يمكنك أن تحكمي على شخص قبل أن تتعاملي معه وتعرفيه جيداً.. وأنا قررت أن أعرفه جيداً فهو يستحق ذلك.
وقفت ريم وقالت بغضب: كما تشائين... ولكني سأخبر والداك عنه... ولن أسمح لك بأن تدمري حياتك يا ندى.
نظرت إليها ندى بنظرة عتاب وقالت: أهكذا يكون الأصدقاء يا ريم.. بدل أن تسعدي من أجلي!.. حدثت أبي عن أمجد وأخبرته أني سأساعده. لا داعي أن تحرجي نفسك مع والدي فأنا على علاقة جيدة بهما ولسنا بحاجة لشخص من خارج الأسرة كي يخبرهما بأفعالي.
اغرورقت عينا ريم بالدموع وقالت: الآن أصبحت شخصاً غريباً!.. الآن أريد أن أوقع بينك وبين أهلك!.. لا يا ندى أنا لم أقصد ذلك.. أعرف أنك تخبرينهم بكل شيء ولكن هل أخبرتيهم بحقيقة أمجد.. هل عرفوا من يرافق وماذا يفعل!... لا أعتقد أنهم يعرفون فإن عرفوا ما كانوا ليسمحوا لك بمساعدته.
سحبت ندى حقيبتها من على الطاولة وقالت بعصبية: أهلي يعلمون مسبقاً بكل ما يحدث معي وبالتفصيل الممل وأمجد لن يدمر حياتي يا ريم.. امنحيه فرصه فهو ليس ذلك الوغد المدلل الثري الذي تعتقدينه.. كوني أكثر تفتحاً وتسامحاً.. هو لم يفعل لك شيء كي تقسي عليه بتلك الطريقة... أنت حتى لم تتحدثي معه فكيف تحكمين عليه!.
وتركتها ندى ومضت إلى وجهه هي نفسها لم تتبينها.
مسحت ريم دموعاً سالت على خدها وقالت محادثة نفسها: لا أريدك أن تعاني مثلي يا ندى.
في تلك الليلة لم تتمكن ندى من النوم حيث أن الحوار الذي دار بينها وبين ريم جعلها حزينة فهي لم تعتد أن تختلف مع ريم. ولكن من جهة أخرى كانت في غاية الشوق لذلك اللقاء الذي سيجمعها بأمجد.. نظرت إلى عقارب الساعة فوجدت أن الساعة تقارب الثالثة.. شعرت بملل شديد وهي تنتظر أن يصل عقرب الساعات إلى الساعة التاسعة حيث ستقابل أمجد في مقهى الجامعة.. وأثناء مراقبتها لحركة عقرب الثوان شعرت بالنعاس
وغفت دون أن تبدل ثيابها حتى.
رن جرس المنبه رنيناً متواصلاً فأوقفته ندى وأفاقت سعيدة نشيطة.. فتحت النافذة لتتسلل أشعة من ضوء الشمس الذهبي إلى غرفتها.. أسرعت ندى وتوجهت سريعاً إلى المطبخ لتلقي على والدتها التحية وتتناول فطورها, بعد ذلك تجهزت وارتدت أجمل ما لديها من ثياب تليق بلقاء صباحي, سمعت صوت محرك سيارة تلاه صوت ريم وهي تقول: هيا ندى ستتأخرين!.
فتحت ندى باب منزلها لتفاجأ بريم التي أتت لاصطحابها إلى الجامعة, قالت ندى وقد بدت الدهشة عليها: ظننتك غاضبة مني!!.
سحبتها ريم من يدها وقالت: غير صحيح.. أنا لا أغضب منك يا ندى.. دعي هذا الموضوع الآن فالوقت تأخر وعليكِ أن تسرعي.. أنا أكيدة من أن أمجد ينتظرك على أحرّ من الجمر.
تعجبت ندى من تغير صديقتها المفاجئ, بل والغريب في الأمر هو قلق ريم على تأخر ندى وهي تعلم جيداً أنها ستقابل أمجد اليوم. ولكن ندى تركت تعجبها لتنشغل بما هو أهم.
قالت ندى بينما كانتا تتجهان إلى الجامعة: هل غيرتِ رأيك في أمجد بتلك السرعة؟.
ابتسمت ريم وقالت: ليس تماماً.. ولكن لا تشغلي بالك.. قررت أن أدعك تخوضي التجربة فربما كان أمجد يستحق المحاولة كما تقولين.
كان أمجد ينتظر ندى وقد توتر بسبب تأخرها.. إلاّ أن توتره زال بمجرد أن لمح ندى وهي قادمة نحوه.. وقف حتى قبل أن تصل وحين اقتربت من المكان الذي يجلس بقربه أمجد قال: صباح الخير ندى.. إطلالتك جميلة مثل كل يوم.
ابتسمت ندى وقالت: وأنت تبدو وسيماً جداً اليوم أيضاً.. كيف حالك؟.
جلس على الكرسي بعد أن جلست ندى وقال: بخير طالما أنك معي... وأنتِ؟.
ابتسمت وقالت برقة: بخير.
احمرت وجنتا ندى فراحت تنظر لمكان بعيد حتى لا تلتقي عيناها وعينا أمجد الذي قال حين أدرك أنها خجلي: ماذا ندى.. احمرت وجنتاكِ وها أنت الآن تحدقين بنافورة الماء.. ألا يروقك أن تنظري إلي وتحادثيني, إنسي أن هذا أول لقاء بيننا واعتبريه جلسة مساعدة لي.. ففي بادئ الأمر أنا أحتاج مساعدتك .
نظرت إليه وقالت: لأول مرة لا أجد كلاماً مناسباً لأقوله.
ابتسم أمجد وقد بدا رقيقاً بابتسامته وقال: تناولتِ فطورك؟.
ردت ندى برقة: نعم.
وقف وقال: إذا سأحضر لك العصير.. ثوانٍ وأعود إليكِ.
كانت ريم تراقبهما من بعيد حين فاجأها رائد بقول: مرحباً ريم.. كيف أنتِ اليوم؟.
التفتت والدهشة تملؤها إليه وقالت غاضبه: ماذا تريد؟.
ابتسم وقال: أهكذا تردين علي!.
نظرت إليه بغضب وقالت: هذا أقل ما يمكنني قوله..والآن

اذهب من هنا فأنا لا أريد التحدث معك أو حتى سماعك.
بدا عليه الإحراج وقال: كما تشائين.. ولكني لن أستسلم وستسمعينني ذات يوم.
رمقته بنظرة اشمئزاز وقالت: انتهى اللقاء الآن.. هيا أغرب عن وجهي.
شعر رائد بأن لا مجال للتفاهم معها فانسحب من المكان
واختفى بين حشود الطلاب.
وبينما كان أمجد يشتري العصير التقى برائد الذي قال: أهلاً أمجد.. أخبرني.. أليست تلك ندى!.. الفتاة التي تساعد الطلاب.. تلك الفتاة تظن نفسها شيئاً مهماً.
رمقه أمجد بنظرة غاضبه وقال بعصبية: إياك أن تتحدث عن ندى بتلك الطريقة.
تعجب رائد وقال: لست أمجد الذي أعرفه!.
رد أمجد بنفس الأسلوب: ولا أظن أن معرفتنا ستدوم طويلاً!.
فهم رائد ما يرمي إليه أمجد وقال: تتركنا لأجل فتاة!. أي شاب أنت؟.
رد أمجد سريعاً: بل أترككم لما أنتم عليه... وداعاً رائد وتركه أمجد في حيرة من أمره وضيق مما حدث معه هذا الصباح.
وعاد أمجد إلى حيث تجلس ندى ولم يعبأ برفقاء السوء الذين نظروا إليه نظرة الخائن. التقت ندى بأمجد وتعددت لقاءاتهما حتى أصبحا مقربين ومتفقين حتى في أبسط الأمور.. مضت عدة أسابيع كان أمجد فيها يحاول جاهدًا أن يتغير ويغير نظرة الجميع إليه حتى يكون الشخص المناسب لندى.. وقد كانت عزيمته قوية, وابتعد عن رفقاء السوء الذين اعتاد مرافقتهم في السابق, كما أنه اهتم جيدًا بدراسته وأصبح طالباً ينظر إليه بكل احترام وتقدير. لاحظ والد أمجد التغير المفاجئ والجذري في شخصية ابنه وقد سر بهذا كثيراً, وحين علم أن السبب من وراء كل هذا هي فتاة جامعيةتدعى ندى.. لم يعارض حين طلب أمجد الزواج بندى.. وسرعان ما تم الاتفاق على يوم معين يلتقي فيه الأهل للتعارف. كان والدا ندى على علم بكل ما يحدث معها.. أبدت والدتها اعتراضا على أمجد حيث أنه كان بنظرها شاب صغير وقد يكون حبه لندى مجرد نزوة عابرة في حين أعطاها والدها موافقة مبدئية واشترطا أن تتم الخطبة ويؤجل الزواج حتى ينهيا دراستيهما الجامعية. أتى اليوم المنتظر وتمت الخطبة بالفعل وشعر الجميع بسعادة غامرة نادراً ما كانوا يشعرون بها.
مضت سنة كاملة على خطبتهما.. سنة أثبت فيها أمجد أحقيته بندى كما وأثبت لها مدى حبه وإخلاصه. غير أمجد نظرة الجميع إليه وأولهم ريم.. صديقة ندى المقربة. ولكن هذا التغير لم يرق لرفقاء السوء الذين عرفهم أمجد سابقاً, لم يعجبهم أن يبتعد عنهم بتلك الطريقة وأن يكون شاباً صالحاً ينظر إليه باحترام.. فاتفقوا على خطة قد تدمر كل ما وصل إليه أمجد.. خطة تبعده عن السبب الرئيسي لتغيره.
تزامن تنفيذ الخطة في نفس يوم عودة ندى من إحدى المعسكرات.. والتي ذهبتها بمفردها لأن أمجد انشغل بدراسته وأداء امتحاناته.. كان الوقت متأخراً جداً حين رن هاتف أمجد الخلوي. رد على الاتصال ليسمع كلاماً أشعل نار الغيرة في قلبه ونار الشك معاً.. قال المتصل: وثقت بندى ولم تكن أهلاً للثقة. أذهب الآن إلى محطة القطار لتجدها مع حبيبها!.

لم يتمكن أمجد من ضبط أعصابه وأسرع باتجاه محطة القطار ليتأكد من صحة ما سمعه.
في ذلك الوقت كانت ندى قد نزلت من القطار وكانت على وشك المغادرة كي تعود لمنزلها إلاّ أن شخصاً ما استوقفها.. حاولت أن تتجاوزه وتمضي إلاّ أنه قال: هيه ندى.. ألا تذكريني؟.
نظرت إليه جيداً وتبينت ملامحه في الضوء الخافت وقالت: أوه سامر.. لم أرك منذ زمن طويل.. كيف حالك.. سمعت أنك تزوجت بمها.. ترى كيف حالها؟.
كان سامر أحد الطلبة الذين ساعدتهم ندى حين كانت في عامها الدراسي الأول وكان هو في عامه الأخير.. وقد سمع عن آراءها الجديرة بالاهتمام فذهب إليها ذات يوم ليعرض عليها مشكلته.. وهو أنه كان يعشق إحدى الطالبات إلاّ أنه لم يتمكن الجرؤة ليخبرها بمشاعره تجاهها.. وكان سامر صديق لرائد إلاّ أنه ابتعد عن تلك الجماعة حين أصبحت سمعتهم سيئة في الحرم الجامعي, شجعته ندى على البوح بمشاعره تجاهها ولزمه بعض الوقت حتى اعترف لمها وقد كانت الفتاة التي يحبها, بمشاعره الحقيقة تجاهها... وبعد أن أنهى سامر دراسته الجامعية تقدم لخطبة مها وكانت السعادة تملؤه ذلك اليوم..
لم يلتقيا منذ تخرج سامر.. لذا انتهز رائد تلك المعرفة القديمة بينهما واستغل تواجد سامر في المدينة وأخبر سامر بأن ندى ستصل بالقطار هذا اليوم وأخبره بموعد وصول القطار ليلاقيها هناك ويشكرها على نصيحتها التي غيرت حياته للأبد.. لم يكن سامر على علم بمخطط رائد وصحبه, ولم يكن يعلم أن لقاؤه بندى سيسبب لها المشاكل واسترسلا في الكلام ونست ندى تماما أنها تقف في ساعة متأخرة عند محطة القطار ومع شخص غريب!.
أوقف أمجد سيارته بالقرب من محطة القطار وقرر أن يتفقد المكان دون أن ينتبه إليه أحد.
اقترب أمجد من المكان حيث كانت ندى تقف مع سامر.. وبالطبع لم يكن قد رأى سامر من قبل - حيث غادر سامر تلك الجماعة قبل انضمام أمجد إليهم- ولم يخطر بباله أنه شخص عادي بالنسبة لندى, فترسخت في ذهنه تلك المحادثة وبدأت الكلمات تتردد في رأسه وهو غير مصدق لما يراه.. ارتجف جسده بالكامل من شدة التوتر ولم يستطع كبت شعوره فذرفت عيناه الدموع وانسحب من المكان ليستقل سيارته واتجه نحو الجسر العلوي.
سمعت ندى صوت هدير محرك سيارة فالتفتت حيث سمعت ذلك الصوت. ومن بعيد لمحت سيارة أمجد. وقد تبينتها واستغربت من تواجد أمجد في هذا المكان وفي تلك الساعة فاستأذنت من سامر ومشت حتى وصلت إلى الطريق الرئيسي, أوقفت سيارة أجرة وتوجهت إلى نفس المكان الذي قصده أمجد. كان أمجد يقود بسرعة جنونية غير واعٍ لما يفعل.. وكانت الرؤية أمامه غير واضحة إذ أن دموعه حجبت عنه الطريق فقرر التوقف عند منتصف الجسر حتى تهدأ أعصابه. وقف يتأمل النيل وبداخله حزن عظيم تشير إليه دموعه التي لم تتوقف مذ رأى ندى مع ذلك الغريب.. بداخله دارت ملايين الأسئلة وملايين الاحتمالات.
شعر في لحظة واحدة أن كل الذي مر به مع ندى كان عبارة عن كذبة كبيرة وخداع لم يعرف له نهاية.
في هذا التوقيت وصلت ندى إلى الجسر وطلبت من السائق التوقف حين رأت سيارة أمجد. بدت عليها الدهشة حين رأت خطيبها يقف وحيداً يتأمل النيل في وقت متأخركهذا.. اقتربت منه وقالت بلطفها المعتاد: عزيزي.. ماذا تفعل هنا؟.
فوجئ أمجد والتفت خلفه سريعًا ليجد ندى تدنو منه.. كادت أن تمسك بيده إلاّ أنه دفعها بعيداً عنه فسقطت على الرصيف وارتطمت رأسها بحافته فجرحت جرحا بليغًا وأصيبت بدوار شديد فلم تعي ما يحدث حولها.
قال أمجد بصوت ملؤه الحزن والغضب واللوم وقد سبقت دموعه الكلمات: لمَ يا ندى.. لمَ فعلتِ بي هذا.. ندى لقد تغيرت لأجلك.. بدلت كل حياتي السابقة كي تعجبي بي.. قدمت لك كل شيء ولم أرفض لك طلباً.. كنت لك.. لا أذكر أني أغضبتك يوماً, وحتى إن فعلت تعلمين أني كنت أبادر بالاعتذار.. ندى أنت لي حياتي فلمَ تفعلين هذا بي..وبعد كل هذا الوقت.. لقد عشت معك أسعد أيامي ولم أتمنى شيئا في الدنيا سوى أن أكون معك.. بقربك.. واليوم.. اليوم أتضح لي بأني أنا فقط من كان مخلصاً.. أنا من أحببت وأنا من تغيرت وضحيت.. ولأجل ماذا.. لأجل فتاة تركتني وبلا سبب لتكون مع شخص آخر..لا ندى..لن أسمح بذلك..لن أراك وأنتِ معه متخلية عني..أنا أفضل الموت على هذا كانت ندى تشعر بألم شديد بسبب جرحها ولكنها استجمعت قواها وصرخت قائلة: أمجد أنت موهوم.. لما تظن أنني خائنة.. ماذا فعلت لتقول هذا لي.. أمجد لقد أحببتك منذ البداية فلمَ تتوقع أن أخونك بعد كل هذا الوقت.. أهذا ظنك بي.. أين الثقة المتبادلة بيننا.. أين لغة الحوار التي لطالما كانت لغتنا.. لمَ تتهمني بشيء لم أرتكبه.. أتظن أنك وحدك من ضحى!.. أمجد لقد تحملت الكثير من أجلك.. لم أخبرك يوماً بهذا ولكن سخرية الجميع مني حين علموا بأمر ارتباطي بك كانت شديدة.. لم أهتم بكلامهم لأني وثقت بك وعرفت أنك لست كما بدا عليك وقتها..عارضت الجميع لأجلك وأولهم ريم صديقتي الحميمة..عارضتهم حتى أثبت أمامهم أنك شخص رائع.. واليوم تثبت لي بأن كل هذا الحب وتلك الثقة بيننا قد انهارت لتحل محلها نار الشك والظن الذي جعلك لا ترى الحقيقة.. لا أعرف سبب تواجدك عند محطة القطار ولكن دعني أخبرك شيئاً..ذلك الشاب الذي كان معي ما هو إلا مجرد صديق قديم لي..وللعلم فقط فإنه متزوج منذ فترة ومشاعري تجاهه لا تتعدى المشاعر بين أخ وأخته أو بين صديقين لا تجمعهما سوى الصداقة, أمجد لمَ شككت بي ولم تسألني أولاً. شعر أمجد بأنه قد أخطأ بحق حبيبته التي ظن بها السوء لمجرد مكالمة هاتفية من غريب.. تمنى لو أن الأرض تنشق وقتها لتبتلعه ويختفي من الوجود.. شعر أمجد بإحساس رهيب مفاده هو أنه شخص أناني لا يمكن أن يثق بأحد حتى حبيبته الوحيدة وزوجته المستقبلية.. اقتربت ندى من أمجد ومسحت دموعه بأناملها كاد أن يتحدث إلاّ أن ندى أصيبت بدوار شديد فأمسكها قبل أن تقع على الأرض وحملها داخل سيارته وتوجه سريعاً إلى المشفى.. كان متوتراً إلى أبعد الحدود وعاجزاً عن التفكير السليم. ولكنه أسرع كي يصل إلى المشفى لإنقاذها.
كانت ندى تتألم بشده وتئن كثيراً ولكنها لم تنطق بكلمة واحدة.. التفت أمجد إليها فألمها كان أصعب شيء يواجهه.
ربت على رأسها فسمعها تتمتم بكلمة ما.. اقترب منها ليسمع جيداً ولكنها كانت شبه فاقدة للوعي فلم يتمكن من سماعها, التفت إلى الطريق ففوجئ بشاحنة نقل عملاقة أمامه.. لم يتمكن من تجاوزها فحدث الاصطدام العنيف وانقلبت بهما السيارة وانجرفت نحو الرصيف ولكنها توقفت قبل أن ترتطم بسور الجسر توقفت السيارات على جانب الطريق ووصلت سيارات الإسعاف حين تلقوا مكالمة مفادها أن هناك حادثة على الجسر.

مر أسبوع كامل قضته ندى في المشفى فاقدة الوعي.. وحين أفاقت وجدت أهلها وأصدقاءها مجتمعين حولها وقد أشرقت على وجههم ابتسامة جميلة تدل على مدى محبتهم لها.. تلفتت ندى حولها ونظرت سريعاً إلى الوجوه المحدقة بها فلم تجد بينهم أمجد.. اغرورقت عيناها بالدموع فاقتربت منها ريم وقد كانت تبكي بشدة وقالت بلهجة حزن وأسف شديدين: لقد مات أمجد في الحادثة.
انهارت ندى تماماً وبكت بكاءاً هستيريا.. كانت تريد أن تغادر فراشها لتلحق بأمجد لكن الممرضة تدخلت فأعطتها دواءً مخدراً جعلها تنام مدة ثلاث ساعات.. بعدها أفاقت ندى, على حقيقة مرة وواقع صعب.. أفاقت لتجد أن خطيبها الذي أحبته قد فارق الحياة حين كان يحاول إنقاذها.. وأفاقت أيضاً على واقع أنها فقدت القدرة على الكلام...
مرت ثلاث سنوات وهي على تلك الحال, بل زادت حالها سوءاً فقد أصيبت باكتئاب شديد ولم تعد راغبة في رؤية أحد أو التحدث إلى أحد.. لم تصدق يوماً أن أمجد قد تركها ورحل.. كانت تظن دائماً أنه سيأتي اليوم الذي يتصل فيه بها ليخبرها كم يحبها. حاول الجميع مساعدة ندى إلا أنها كانت ترفض أن يقترب منها أو يحادثها أحد.. كما حاولوا أن يجدوا طريقة تمكنها من الكلام مجدداً.. ولكن في أعماقها لم تكن راغبة بذلك..فقد كانت آخر كلمة نطقتها هي" أحبك " وقد قالتها لأمجد قبل الحادث بثوان.. لذا استسلمت لواقعها وانسحبت من تلك الحياة حتى أصبحت كمثال وردة حمراء ذابلة تماماً.. كان هذا غير متوقع وخصوصاً مع فتاة جمعت الشباب والحيوية وحب الحياة في آنِ واحد...
لم تنهي ندى دراستها الجامعية بسبب حالتها النفسية والتي كانت تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.. حتى يومنا هذا لا يزال بالإمكان رؤية ندى تقف في حديقة منزلهم, تجمع الأزهار كل صباح وتنسقها..لم يفهم أحد سر جمعها للأزهار كل صباح إلاّ أن صديقتها ريم أخبرتهم أن أمجد كان يحب هذا النوع من الأزهار وكانت ندى تهديه إياها كل صباح.
بعد أن تتناول ندى فطورها بشق الأنفس كانت تجلس على كرسي في شرفتها وتبقى دون حراك حتى يأتي غروب الشمس.. كانت تتأثر كثيراً برؤية الغروب.. وكانت تحصي الأيام منذ فارق أمجد الحياة وتنتظر أن يأتي اليوم الذي سترحل فيه هي أيضاً.
حب ندى للحياة وللناس انتهى بنهاية حبيبها, أراها كثيراً هذه الأيام وهي ترافق والدتها إلى السوق.. لا حياة فيها.. شاحبة الوجه لا تبتسم مطلقاً وفي عينها نظرة حزن وألم شديد..
وقفت معها ذات يوم حين كانت ذاهبة لشراء بعض الحاجات من مكان قريب لمنزلهم.
وقد اصطحبت معي ابني الصغير البالغ من العمر سنتان.. ربتت ندى على رأسه فابتعد عنها خائفاً.. ابتسمت برقة وقد كانت تلك هي المرة الأولى التي أراها فيها تبتسم.. جثت على ركبتيها وأمسكت يد ولدي برقة متناهية وقبلتها ثم عانقته عناقاً خفيفاً فابتسم طفلي وأعطاها حلوى كانت في فمه منذ ثوان.. ابتسمت ندى مجدداً.. ولكن هذه المرة رافقت ابتسامتها دمعة حارة سقطت بالرغم عنها.. فكلما تبسمت ندى تذكرت كيف كانت تبتسم برفقة أمجد وحين تتذكر أمجد والذي لم يغب يوماً عن بالها كانت تبكي بحرقة.. أشفقت عليها كثيراً وأوصلتها بنفسي إلى منزلهم.. أني لأشفق على ندى.. وأتمنى لو كان بالإمكان مساعدتها على نسيان ما حدث والاستمرار بالحياة.. إلاّ أنه ما باليد حيلة.. فحبها له كان أقوى من أن تنسيه السنين وحزنها عليه كان أشد من أن يمحى.
الكاتبة
سارة سيد زكريا
ختاما


في الختام أحمد الله على إتمام هذه القصة، كما أتقدم الشكر لكل من ساعدني ودعمني لتقديم هذا العمل الأدبي وأخص بالشكر أسرة الأفق، الأسرة التي أنتمي إليها وأعتبرها عائلتي الثانية، وأصدقائي الذين كانوا خير عون لي ومنحنوني الثقة وأدعو من قلبي أن تدم صداقتنا للأبد. ولا يمكن أن أنسى فضل والدي علي.. اللذان حرصا أشد الحرص على أن أتلقى العلم والمعرفة... ورغم أنهم مبتعدين عني بحكم سفرهم.. إلا أني أراهم دائمًا أمامي ينصحونني ويوجهوني إلى الطريق القويم.. وشكر بالغ لجميع من قرأ القصة وفِهمَ معانيها، وأرجو من الله أن تنال على إعجابكم.
الكاتبة ...
ساره سيد زكريا

الأربعاء، ٢١ مارس ٢٠٠٧

أسرة الأفق ترحب بكم




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مرحباً بكم فى موقع أسرة الأفق بكلية التربية جامعة بنىسويف