الاثنين، ٢٦ مارس ٢٠٠٧

شاشة عرض - من مجلة أسرة الأفق


التكــريم دائما لأســـرة الأفـــق
دائمًا يبقى التكريم لمن يستحقه، وهكذا للعام السادس على التوالي يبقى التكريم لأسرة الأفق. وبعد حصول مؤسس الأسرة/ محمد علي حسين على لقب الطالب المثالي لعام 2003، ومؤسسى الأسرة إيهاب عادل شعبان (التكريم عن النشاط الثقافي بالكلية)، ومحمد سلامة عبد المطلب (التكريم عن نشاط الأسر بالكلية) ومن بعدهم أيضًا حصلت / زهراء سيد رجب مقرر عام الأسرة على لقب الطالبة المثالية فى عام 2005، جاء التكريم هذه المرة للطالب محمود جمال عبدالبديع مقرر مساعد الأسرة على لقب الطالب المثالي لعام 2007على مستوى الكلية كما حصل على المستوى الثاني من المسابقة على مستوى جامعة بني سويف، ليساهموا معنـا فى حصول الأسرة دائما على لقب الأســرة المثالية وليبقى التكريم لمن يستحقه.
وفاء سيد رجب 4 فرنسى



أســــرة لهــا تـــــاريــخ

مرحباً بك عزيزي الطالب على موقع أسرة الأفق Horizon، وفي عام الأسرة السادس ومن داخل مجلة الأسرة (شــاشة عرض) وفي عددها الرابع، ذلك الموقع الذي نسعد من خلاله بعرض كل ما قامت الأسرة بتقديمه فى العام الدراسي المنقضي وهذا العام أيضًا من أنشطة متنوعة، ونبدأ بما قامت به الأسرة على مدار العام المنقضي ومنها إقامة إفطار جماعي خيري وضم الإفطار عدد كبير من أطفال المؤسسة الاجتماعية لرعاية الأيتام ببنى سويف، وبمشاركة العديد من طلبة وطالبات الكلية. إلى جانب ذلك ورداً على الإساءة الموجهة للرسول صلى الله عليه وسلم أقامة الأسرة ندوة دينية للتعرف على أخلاقيات الرسول (ص) حاضرها الدكتور علي حسن أحمد الأستاذ بكلية دار العلوم بالمنيا، وكان إلى جانب إقامة معرض ثقافـي فنـي خامس استغرق إعداده قرابة ثلاثة أشهر، أخيراً بعون الله تم إقامة المعرض لمدة خمسة أيام وشرفه بالافتتاح العديد من أعضاء هيئة التدريس، وعدد هائل من الطلاب ونشكر لجميع من حضر المعرض إثنائهم على ما كان فيه ومشاركتهم معنا فى إبداء الآراء عن أحسن اللوحات. وعن الرحلات قامت الأسرة بتنظيم ثلاث رحلات إلى كل من (القاهرة / ملاهي دريم بارك / الفيوم) كما قامت الأسرة بتنظيم دورة لكرة القدم باستاد بنىسويف، وقامت أيضا الأسرة بتكريم مجموعة كبيرة من الخريجين المتميزين على المستوى العلمي والنشاط الكبير طوال أربع أعوام قضوها بالكلية. أما على مدار هذا العام حاولنا جاهدين أن نرتقي بأنشتطنا المتنوعة ونبحث عن الجديد، فبدأنا كالعادة بتنظيم إفطار جماعي خيري سادس للأسرة، ندوة دينية بعنوان (نصر بدر)، إلى جانب رحلة إلى ملاهي دريم بارك وأخرى إلى مدينة القاهرة، كما قمنا بتنظيم ثلاث دورات للإسعافات الأولية .. ودورة للخط العربي .. ودورتان لكرة القدم بالصالة المغطاة ضمت فرقًا من معظم كليات الجامعة، ونقوم حاليا بالإعداد لتنظيم معرضنا الثقافي والفني السنوي وأيضا التجهيز للاحتفال بيوم اليتيم مع أطفال مؤسسة الأيتام ........ ولسه .... ولسه، وأخيراً نقدم لكم هذه المجلة الورقية كي نختتم بها جهدنا لهذا العام، ولنستمر معكم فى مسيرة العطاء. فمرحباً بكم أعضاء نشطين داخل أسرة الأفـق ... فى انتظار العام القادم بإذن الله.
عمر الصعــيدي فرنسى


يا رب أســالك من الألف للياء
اللهم ارزقنا بالألف ألفة ... والباء بركة .... والتاء توبة ..... وبالثاء ثوابا .... وبالجيم جمالا ..... وبالحاء حكمة ..... وبالخاء خيرا..... وبالدال دليلا .... وبالذال ذكاء ..... وبالراء رحمه ..... وبالزين زكاة .... وبالسين سعادة .... وبالشين شفاء ..... وبالصاد صداقة .... وبالضاد ضياء ...... وبالطاء طاعة ...... وبالظاء ظفرًا ....... وبالعين علمًا ..... وبالغين غنـًا ..... وبالفاء فلاحًا .... وبالقاف قناعة ..... وبالكاف كرمًا ..... وباللام لطفًا ..... وبالميم موعظة ...... وبالنون نورًا ..... وبالهاء هداية ..... وبالواو ودًا ..... وبالياء يقينًا ..... يا رب العالمين.


بيقــوووولـــــــــــوا...........
* المدارس الحكومية..... هي تلك الرياح العاتية التى تطفأ شمعة ذكاء الطفل المصري.
* المستشفيات العامة..... هي ذلك المكان الذي إذا دخلته فإنك على أحسن الفروض تخرج منه مريضًا.
* الجنون..... هو الحالة التي تنتاب المرء فجأة فيفصح فيها عن رأيه بصراحة.
* الكتاب..... يجب أن يكون في كل بيت، يتسلى به الجاهل بصورة وينعم العاقل بحكمة، وتستخدمه ربة المنزل في لف السندوتشات.
* هوس كرة القدم..... إدمان لا يعاقب عليه القانون.
* الحب..... هو النجم الذي يتطلع إليه الرجال وهم سائرون للأمام.
* الزواج...... هو البئر الذي يسقطون فيه .. مشغولون بالنظر إلى النجم.
محمد رمضان 4 رياضيات


للبنـــات وبس ! ! !
* كل امرأة تنظر رجل أحلامها.. ولكنها تتزوج أول قاطع لطريقها.
* المرأة تخلق المشاكل والرجل يبحث عن حلولها.. ومن هنا يأتي الاختراع!!
* الشيطان يكفيه عشر ساعات ليخدع رجل.. أما المرأة فيكفيها ساعة واحدة لتخدع عشر رجال، بل الشيطان نفسه!!
* إذا قالت المرأة لا أحب الكذب!... فهذا هو الكذب بعينه.
* أفكار المرأة أنظف من أفكار الرجل... لأنها تغيرها كل ساعة.
* خلق الله أدم قبل حواء لكي يبكي على الأيام الحلوة التى عاشها من غيرها!!
إســلام سيد عبدالفتاح 3 إنجليزى


مـــــــــــــــــــــــرة...........
# واحد قبل ما يموت جمع ولاده التلاتة وحب يوصيهم يفضلوا ايد واحدة، وأعطى لكبيرهم عود خشب كسره بسهوله أعطاه اتنين كسرهم بسهولة برضه ثم أعطاه خمسين عود كسرهم بسهولة قال لهم طالما معاكم البغل ده مافيش خوف عليكم.
# # ولد صغير راح لأمه قالها ماما.. ماما أنا شفت الواد اللي فوقينا بيبوس البت اللي تحتينا قالتله ملكش دعوة يا حبيبي دول بيحبوا بعض وهيتجوز قالها الولد يعني أي اتنين بيبوسو بعض يبقو هيجوزو قالتله آه يا حبيبي. قالها طب بابا هيجوز الشغالة امتى؟؟
عبيـر محمد صـلاح 2 إنجليزى



انـتــقــــام الــقــدر
أصيبت زوجة بانهيار عندما بلغها أن زوجها قد تخلى عنها وهجرها..فبكت ساعة كاملة ثم جرت نحو النافذة وألقت نفسها من الطابق الثالث ولكنها لم تمت.. حيث سقطت على رجل يسير في الشارع وقتلته على الفور والعجيب أن الرجل الذي سقطت عليه ومات هو زوجها السابق. أحمد حنفي 3 إنجليزى


قــــــيس ولحــمه
بشوق ناديت عليكي ........... والحب في إنتظار ....... والقلب مستنيكي ......... تطبخي شوربة خضار ........... ومش قادر عالبعاد ............ ريحة البصل وحشاني ............ نفذي قوام وعدك ............ واطبخيلي بامية تاني ............ والمحشي آه عالمحشي ............ سقط ومانجحشي ............ شال فلفل وتوم ............ وشاط وما نفعشي ............ يجري قوام عالرز
ويحضن بشوق الوز ............ ويهز وسطه هز ............ ويقول العز وز
مروان العناني 1 فرنسى

أقوال مكســـورة
* من خرج من داره ... ما ينساش ياخد المفتاح معاه.
* اطبخي يا جاريـة.


.....العـدد الرابـع من......
مجلة أسرة الأفق أبريل 2007
......إشـراف....
د.محمد أحمد عبدالقادر
رائد الإتحاد ورائد أسرة الأفق

....رئيس التحرير....
عبد الرحمن على حسين
...مقرر عام الأسرة...

.....................................هيئـة تحرير المجلة ..................................
مروان العنــاني .. إيمان خميس محمد .. ســارة جابـر سلـيم .. صفاء محمد عزام.. علي محـمد علي


مع تحيات مسئولى موقع أسرة الأفق ومؤسسى الأسرة
,,,,,أ. محمد على حسين أ. إيهاب عادل شعبان ,,,,,,
......(من دولة الإمارات العربية. دبى).......

الأحد، ٢٥ مارس ٢٠٠٧

ندى - قصة قصيرة من مجلة أسرة الأفق


جلست ذات يوم في حديقة منزلي حيث اعتدت أن أكتب بعض القصص التي أعاصرها أو أسمع بهظرت إلى ذاك الورد الأحمر الجميل الذي زينت به زوجتي الحديقة.. سحرني ذلك المشهد.. ورد أحمر أخّاذ.. تقطر منه قطرات الندى!.. التفتت سريعا إلى ورق الكتابة وأمسكت بالقلم فقد وجدت الا.. شعرت بحيرة في بادئ الأمر.. لم أقرر بعد أي قصة سأكتب!.
نقصة المناسبة التي سأتحدث عنها.. هي قصة فتاة أجمل من الورد.. هي قصة ندى.. فتاة عاشت بالمنزل المجاور لمنزلنا.. كنت على علاقة وثيقة بوالدها, وقد عرفت الكثير عنها وأخبرني والدها بما جرى معها, كما زودتني صديقه لها ببقية التفاصيل.
ندى, تلك الفتاة الجامعية المرحة الطيبة التي اشتهرت بحسن خلقها وبلطفها وحبها لمساعدة الآخرين.. لطالما كانت مثال للفتاة التي تحب الحياة وتحياها في كل لحظة.. ولكن هذا لم يدُم.. فقد تغير حالها منذ نحو ثلاث سنوات.. فلم تعد ندى التي عرفها الآخرون.. كانت ندى في عامها الجامعي الثالث وقد تقلدت منصباً في إتحاد الطلبة يخوِّلها مساعدة بقية الطلاب على حل مشاكلهم مهما بدت صغيرة وتافهة للآخرينندى..
تلك الفتاة الجميلة الفاتنة التي سخرت وقتها لمساعدة الجميع لم تكن تدري شيئا عما يخبئه لها القدر.. وقد بدأ الأمر حين أتاها ذات يوم شاب يعرض عليها مشكلته.. لم تتعرفه ولكن بدا لها مألوفاً.. استأذن أن يجلس فأذنت له وقالت: أهلا وسهلا بك.. كيف يمكنني أن أساعدك؟.
كاد أن يبتسم ابتسامة ساخرة إلاّ أنه منعها وقال: سمعت أنك تساعدين الطلاب على تجاوز مشاكلهم وأنك تقدمين حلولاً جيدة, وسمعت أن لك آراء ملؤها الأمل والطموح, سمعت الكثير والكثير عنك فشجعني هذا على أن آتي إليك لأعرض عليك مشكلتي فربما تمكنتي من مساعدتي على حلها.

ذلك الشاب يُدعى أمجد.. وهو شاب يوصف بأنه مستهتر.. يكبر ندى بعامين ولكنه في عامه الجامعي الثاني حيث أنه رسب عدة مرات, لم يكن أمجد إنساناً سيئاً إلى هذا الحد الذي يعتقده الآخرون.. ولكن ندى لم تكن تعرف أي شيء عنه وقتها.
قالت ندى بلطف معتاد منها: اشرح لي مشكلتك وبإذن الله سنتمكن من إيجاد حل لها
صمت الشاب لوهلة وقطع صمته حين أخرج لفافة صغير من جيبه وأعطاها لندى وقال: تلك هي مشكلتي!.
شعرت ندى بالاستغراب والفضول في نفس الوقت, نظرت إلى تلك اللفافة وبدت عليها الدهشة فقالت: ما هذا الشيء؟.
كاد الشاب أن يضحك إلاّ أنه تمالك نفسه وقال: يسمونه المخدرات.. مشكلتي أني... وقبل أن يكمل كلامه وقفت ندى فزعة وقالت بعصبية: ماذا تقول.. كيف تجرؤ على إحضار تلك السموم إلى داخل الجامعة.. ألا تعلم العقاب الذي ستلقاه إن تم ضبط هذا الشيء معك.. هذا المكان محترم ولا يجوز أن نحضر تلك الممنوعات إلى الحرم الجامعي.
استاء الشاب ووقف وقال بسخرية: إذاً الكلام الذي سمعته عن طيبتك ولطفك كان خاطئ.. أنت لست كما تدعين.. مثلك مثل أي شخص بالخارج.. أتيت إليك كي تساعديني لا أن تخبريني بالعواقب التي أعرفها مسبقاً.. من الأفضل لك أن تستقيلي من هذا المنصب وتتركيه لمن هو أكثر أحقيه منك.. لمن يجيد حل المشاكل فعلاً!.

وخرج غاضباً في حين خلًّف وراءه ندى في حيرة من أمرها.. كلامه كان صواباً.. فلم يكن يجدر بها أن تحادثه بتلك الطريقة أو أن تقول له هذا الكلام.. كان من المفترض بها أن تساعده للتخلص من مشكلته وعوضاً عن هذا أنّبته كما يفعل الكبار مع الصغار حين يخطئون. مرت عدة أيام لم تكن ندى فيها على طبيعتها وقد انتبهت صديقتها المقربة ريم إلى هذا الأمر جيداً فقالت بينما هما يسيران في حديقة الجامعة: ما الأمر ندى.. تبدين مشغولة البال.. ماذا حدث معك؟.
جلست ندى وريم على أحد المقاعد وقصت عليها ما حدث بالتفصيل وبعد أن انتهت قالت ريم: لقد عرفت عمّن تتحدثين يا عزيزتي.. إنه من أكثر الشباب فشلاً وتهوراً في الجامعة.. الجميع يعرف أنه يرافق جماعة مدمنة على كل ما يخطر ببالك من أنواع المخدرات ولا بد أنه مثلهم.. أي مدمن.. لا داعي أن تشغلي بالك به فأمثاله لا يمكن مساعدتهم.. إنه ثري ويفعل ما يحلو له.. يعبث بالأموال ويؤذي نفسه.. من الأفضل أن تنسي الأمر لأن أي موضوع يتعلق بذلك الشاب المدعو أمجد قد يسبب لك مشاكل حقيقية.. انظري إلى هؤلاء الحمقى الفاشلين.. إنهم أصدقاؤه... أخبريني.. هل الأمر يستحق العناء!.
كان أمجد يرافق مجموعة من الشباب الذين لم يأتوا إلى الجامعة لتلقي العلم.. وقد شُوِّهت سمعته أكثر حين أصبح صديقاً لهم.. لم يكن أمجد شاباً مدمناً بالمعنى الحرفي..
ولكنه كان يجاري أصدقاءه حين يكون معهم.. فأصبح الجميع ينظرون إليه نظرتهم للمدمن.. مثله كمثل أصدقاءه. كانت ندى شاردة الذهن تماماً ولم تنتبه إلى كلمة واحدة مما قالته صديقتها وحين أنهت ريم كلامها قالت ندى: ريم إلى اللقاء الآن أراك فيما بعد.
وذهبت سريعًا في اتجاه لم تبينه ريم.. لم تأبه ريم لتصرف ندى فقد اعتادت مثل هذه التصرفات الغريبة منذ زمن.
توجهت ندى إلى أحد مداخل الجامعة حيث لمحت أمجد يقف وحيداً بالقرب من البوابة.. دنت منه وقالت بلطف: مرحباً.
نظر إليها أمجد وقال بسأم: أهلاً.. ماذا تريدين؟.
شعرت بالحرج إلاّ أنها ابتسمت وردت سريعاً: أود أن أعتذر عمّا بدر مني ذلك اليوم.. أنا آسفة بالفعل ما كان ينبغي لي أن أرد عليك بتلك الطريقة, أود حقاً أن أساعدك إذا سمحت لي.. ومعاً قد نتمكن من إيجاد حل لمشكلتك.
ابتسم أمجد وقال: تريدين مساعدتي حقاً؟.
ردت سريعاً: نعم, وسأفعل ما يلزم لمساعدتك.
اقترب منها قليلاً وقال: إذا تزوجيني!.
أُصيبت ندى بالدهشة فقالت: أتمازحني؟.
أومأ برأسه نفياً وقال: لأول مرة أكون جدياً في حياتي..
هل توافقين؟.
كانت ندى أسيرة الذهول فلم تنطق بكلمة واحدة, لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يعرض فيها أحدهم على ندى الزواج ولكنها كانت المرة الأولى التي تعجز فيها عن الرد.. قال أمجد بعد صمت طويل من ندى: ندى.. أريد أن أُخبرك بأمر أدركت أنك تجهليه حين أتيت إليك ذلك اليوم.. ندى أنا طالب لي سجل حافل بالرسوب كما أني غير مكترث بالدراسة أو بأي شيء في هذه الدنيا.. لا أتحمل المسؤولية على الإطلاق وليست لي وظيفة وعوضاً عن هذا يعطيني أبي ما أريد من أموال فهو لا يرفض لي طلب. الجميع يعلم أني فاشل تماماً ولكن ندى.. هناك شيء لا يعرفه الآخرون وأريدك أن تعرفيه.. أنا لم أكن هكذا من قبل.. صدقيني ندى لست بالشخص السيئ.. في وسعي أن أتغير لأجلك فقط إن وافقت.. ندى امنحيني فرصة وسأُثبت لك بأني جدير بالثقة. أعلم أني لست مثالاً جيد للزوج ولكن هذا شعوري وتلك رغبتي وقد صارحتك بهما, كان من الممكن ألاّ أتسرع بطلبي وأن أطلب صداقتك أولاً.. ولكني أعرف الكثير عنك ندى.. لقد كنت أتابع جميع تحركاتك وأخبارك مُنذ كنتِ في العام الأول, أُعجبت كثيراً بشخصيتك وبالطريقة التي تتعاملين بها مع الآخرين.. كنت الأخت والصديقة والمعينة لمن يحتاج إليكِ وقد كنت متفوقة ذات صيت كبير, أنت لم تلحظيني يوماً ولكني كنت آتي إلى الجامعة على أمل أن ألمحك من بعيد.. حين كنت أراكِ في الصباح كان ينتابني شعور بأن اليوم سيكون جميلاً.. مثلك تماماً ندى.. ابتسامتك الجميلة وتعاملك الرقيق جعلني أنجذب إليكِ رويداً رويدًا.. إلى أن أدركت في وقتٍ غير بعيد أني لا أستطيع أن أحيا بدونك.. صورتك لا تفارقني وصوتك يتردد كلحنٍ عذبٍ في مخيلتي, وددت أن أجد الفرصة المناسبة للحديث معك ومصارحتك بما يجول في بالي.. ترددت كثيراً واحترت فلم أعرف أي مدخل سيكون مناسباً لك.. لو طلبت صداقتك فلن تمانعي لأنك صديقة الجميع والكل يحترمك ويقدرك.. وقتها لن تتمكني من معرفة شعوري تجاهك.. لذا قررت أن أختصر الطريق وأن أكون صريحاً معك فقد عرفت عنك شدة صراحتك وأنك لا تحبين الطرق الملتوية... أتيتك من أقرب الطرق وصارحتك ولم أخفي عنك شيئاً أملاً في أن يروقك ما بدر مني وأن تأخذي كلامي على محمل الجدية... وردك؟.
لم تدري ندى ماذا تقول إلا أنها جمَّعت بضع كلمات وقالت: أعطني وقت لأفكر فيه وسأُخبرك بردي.
بعد تلك المحادثة لم تلتق ندى بأمجد ما يقارب الأسبوع.. فلقد كان أمجد دائم التغيب عن الجامعة.. وبينما كانت ندى برفقة صديقتها ريم قالت الأخيرة: لا أُصدق يا ندى.. أنت تبدين اهتماما غير طبيعي بذلك الشاب.. ندى إنه لا يناسبك وعرضه عرض أحمق.. أنت لن ترتبطي بفاشل.. ندى فكري ملياً ولا تتسرعي.. لقد أثر عليك بأسلوبه الناعم.. صحيح أن صراحته مؤثرة وصحيح أنه شديد الوسامة وثري.. إلا أنه لا يناسبك.. أنت إنسانه صالحة وهو ليس كذلك.. أرجوك ضعي هذا بعين الاعتبار كانت ريم تكبر ندى بعام واحد إلا أنهما كانتا في سنة دراسية واحدة وسبب هذا هو أن ريم رسبت في عامها الدراسي الأول ولذا أصبحت هي وندى في نفس السنة الدراسية.
لم تكن ريم بالطالبة المهملة إلاّ أن سبب رسوبها ارتبط ارتباطا وثيقاً بشاب يُدعى رائد.. وقد كان واحداً من أولئك الفتية الذين يرافقهم أمجد الآن.. حدث هذا منذ وقتٍ طويل.. إلاّ أن ريم لم تنسى ما حدث. تعرفت ريم ذات يوم على رائد والذي كان مذهلاً بنظرها.. كان قد أقنعها بحبه لها وبالرغم من معرفتها أنه يرافق أكثر الشباب سوءاً في الجامعة إلاّ أنها لم تهتم لذلك.. فحينها كان كل ما يهمها هو حبها الكبير لرائد وحبه لها..
ظلت ريم غافلة عن حقيقة الشاب الذي تمنت أن يشاركها حياتها إلا أن أتى يوم انكشفت فيه حقيقته أمامها.. وتزامن وقت معرفتها بموعد الامتحانات فشوشت أفكارها وانقلبت حياتها حين علمت أن رائد على علاقة بفتاة سيئة السمعة من خارج الجامعة.. أصيبت ريم بانهيار عصبي قبل امتحانها الأول بيومين فلم تستطع أن تؤدي الامتحان على نحو جيد..

وكان هذا هو الحال مع بقية الامتحانات فرسبت في عامها الأول.. حاول رائد بعد ذلك إصلاح ما أفسده من أمور, ولكن الأوان كان قد فات هذا لأن ريم تقدم لخطبتها شاب جيد فلم تعترض وأحست بالأمان الحقيقي مع خطيبها فكان بمثابة الدواء الشافي لجراحها.. لم تخبر ريم ندى بهذا الأمر لأنها لم تشأ أن تتذكر الماضي حيث أنها اعتبرت ذلك خيانة لخطيبها, فأخفت الأمر عن ندى ولم تذكره مجدداً.. لذا كانت ريم تَكِّن العداوة لتلك المجموعة من الشباب.. وقد كانت قاسية في حكمها على أمجد حيث أنها رأت فيه رائد الذي خدعها فلم تكن تريد لندى أن تتعرض لما تعرضت له هي سابقاً.
بدت ندى مشوشة التفكير ولكنها كانت مقتنعة تماماً بأن أمجد ليس بالشخص السيئ فقالت: ندى.. أمجد لا يختلف عن غيره من الشباب, إنه يعاني من مشكلة.. هذا كل شيء.. ولكن تلك المشكلة لا تعني أنه شاب سيء ولا يستحق أن نثق به.. شعرت بالصدق في كلامه.. وأنا أثق به وأثق بقدرته على تغيير حاله.. إنه فقط يحتاج إلى فرصة لإثبات نفسه وأنا لا أرى ضرراً في أن نعطيه تلك الفرصة..
ريم.. لقد تغير حالي منذ أن التقيته.. لا أعرف ما الذي يحدث لي.. لم أكن هكذا من قبل.. أشعر بشعور غريب علي.. ترى ما السبب!.
قالت ريم وقد بدا عليها الضجر: لست أدري ما أقول.. اسمعي ندى حصلت اليوم على رقم هاتفه الخلوي من إحدى زميلاته في القسم.. لم أكن أنوي أن أعطيكِ إياه ولكن حالك يؤرقني.. اتصلي به ولكن على شرط أن تكوني ندى التي عرفتها وعرفها الآخرون.. كوني متعقلة.. أفهمتي؟.
كادت ندى أن تطير من شدة الفرح حين علمت أن رقم هاتفه مع ريم وقالت بسعادة غامرة: هيا أعطني الرقم ولا تتباطئي, هو لم يحضر منذ نحو أسبوع وأخشى أن مكروهاً أصابه.. هيا ريم هاتِ الرقم.
باستسلام أعطتها ريم رقم هاتفه وسرعان ما سجلته ندى في هاتفها الخلوي وضغطت زر الاتصال فعقبه رنين متواصل قطعه صوت أمجد وهو يقول: أهلاً.. من معي؟.
ارتبكت ندى كثيراً وقالت متلعثمة: أأهلاً أمجد.. تذكرني.. أنا ندى!.
صمت أمجد قليلاً وقطع صمته حين قال: كيف أنساكِ! مرحبا ندى.. كيف حالك؟.
- بدت ندى فرحة وهي تحادثه وقد انتبهت ريم إلى ذلك- وقالت رداً على سؤاله: أنا بخير ولله الحمد.. وأنت.. كيف حالك.. لقد طال غيابك عن الجامعة.. قلقت عليك كثيراً.. أخبرني لما لا تأتي؟.
رد أمجد بهدوء: لا أستطيع.
تعجبت ندى وقالت: لا تستطيع ماذا؟.
تنهد قليلاً وقال: ندى.. لا أستطيع أن آتي.. لقد عرضت عليك أمراً وأنا أشعر أنك سترفضينه.. لذا لم أرد أن ينجرح قلبي بتلك السرعة.. لذا لا أستطيع مواجهتك وسماع الرد الذي أتوقعه منكِ.
قالت ندى بلطف: ومن قال لك أني سأرفض عرضك!.
غلى الدم في عروق ريم التي أنصتت إلى المكالمة جيداً وكادت أن تنتزع الهاتف من ندى لولا أنها توقفت حتى لا ينتبه إليهم أحد وقررت الانتظار لحين انتهاء المحادثة كي تتفاهم مع صديقتها. اتفق الاثنان على موعد محدد للقاء كي يتم التعارف وانتهت المكالمة بأن تمنى لها أمجد التوفيق وأوصاها أنتهتم جيداً بنفسها. انتهت المكالمة وقالت ندى بنبره صوت لا تصدر إلاّ عن فتاة وقعت في شباك الحب: سأُقابله غداً إن شاء الله.. ريم.. أشعر بسعادة كبيرة.
ردت ريم بجفاء: لم أكن أعلم أنك غبية إلى هذا الحد يا ندى.. ألا تفتحي عينيك على الواقع, ألا ترين أنه لا يناسبك؟.
نظرت إليها ندى بحدة وقالت: يكفي يا ريم.. أمجد شخص طيب ولطيف.. لا يمكنك أن تحكمي على شخص قبل أن تتعاملي معه وتعرفيه جيداً.. وأنا قررت أن أعرفه جيداً فهو يستحق ذلك.
وقفت ريم وقالت بغضب: كما تشائين... ولكني سأخبر والداك عنه... ولن أسمح لك بأن تدمري حياتك يا ندى.
نظرت إليها ندى بنظرة عتاب وقالت: أهكذا يكون الأصدقاء يا ريم.. بدل أن تسعدي من أجلي!.. حدثت أبي عن أمجد وأخبرته أني سأساعده. لا داعي أن تحرجي نفسك مع والدي فأنا على علاقة جيدة بهما ولسنا بحاجة لشخص من خارج الأسرة كي يخبرهما بأفعالي.
اغرورقت عينا ريم بالدموع وقالت: الآن أصبحت شخصاً غريباً!.. الآن أريد أن أوقع بينك وبين أهلك!.. لا يا ندى أنا لم أقصد ذلك.. أعرف أنك تخبرينهم بكل شيء ولكن هل أخبرتيهم بحقيقة أمجد.. هل عرفوا من يرافق وماذا يفعل!... لا أعتقد أنهم يعرفون فإن عرفوا ما كانوا ليسمحوا لك بمساعدته.
سحبت ندى حقيبتها من على الطاولة وقالت بعصبية: أهلي يعلمون مسبقاً بكل ما يحدث معي وبالتفصيل الممل وأمجد لن يدمر حياتي يا ريم.. امنحيه فرصه فهو ليس ذلك الوغد المدلل الثري الذي تعتقدينه.. كوني أكثر تفتحاً وتسامحاً.. هو لم يفعل لك شيء كي تقسي عليه بتلك الطريقة... أنت حتى لم تتحدثي معه فكيف تحكمين عليه!.
وتركتها ندى ومضت إلى وجهه هي نفسها لم تتبينها.
مسحت ريم دموعاً سالت على خدها وقالت محادثة نفسها: لا أريدك أن تعاني مثلي يا ندى.
في تلك الليلة لم تتمكن ندى من النوم حيث أن الحوار الذي دار بينها وبين ريم جعلها حزينة فهي لم تعتد أن تختلف مع ريم. ولكن من جهة أخرى كانت في غاية الشوق لذلك اللقاء الذي سيجمعها بأمجد.. نظرت إلى عقارب الساعة فوجدت أن الساعة تقارب الثالثة.. شعرت بملل شديد وهي تنتظر أن يصل عقرب الساعات إلى الساعة التاسعة حيث ستقابل أمجد في مقهى الجامعة.. وأثناء مراقبتها لحركة عقرب الثوان شعرت بالنعاس
وغفت دون أن تبدل ثيابها حتى.
رن جرس المنبه رنيناً متواصلاً فأوقفته ندى وأفاقت سعيدة نشيطة.. فتحت النافذة لتتسلل أشعة من ضوء الشمس الذهبي إلى غرفتها.. أسرعت ندى وتوجهت سريعاً إلى المطبخ لتلقي على والدتها التحية وتتناول فطورها, بعد ذلك تجهزت وارتدت أجمل ما لديها من ثياب تليق بلقاء صباحي, سمعت صوت محرك سيارة تلاه صوت ريم وهي تقول: هيا ندى ستتأخرين!.
فتحت ندى باب منزلها لتفاجأ بريم التي أتت لاصطحابها إلى الجامعة, قالت ندى وقد بدت الدهشة عليها: ظننتك غاضبة مني!!.
سحبتها ريم من يدها وقالت: غير صحيح.. أنا لا أغضب منك يا ندى.. دعي هذا الموضوع الآن فالوقت تأخر وعليكِ أن تسرعي.. أنا أكيدة من أن أمجد ينتظرك على أحرّ من الجمر.
تعجبت ندى من تغير صديقتها المفاجئ, بل والغريب في الأمر هو قلق ريم على تأخر ندى وهي تعلم جيداً أنها ستقابل أمجد اليوم. ولكن ندى تركت تعجبها لتنشغل بما هو أهم.
قالت ندى بينما كانتا تتجهان إلى الجامعة: هل غيرتِ رأيك في أمجد بتلك السرعة؟.
ابتسمت ريم وقالت: ليس تماماً.. ولكن لا تشغلي بالك.. قررت أن أدعك تخوضي التجربة فربما كان أمجد يستحق المحاولة كما تقولين.
كان أمجد ينتظر ندى وقد توتر بسبب تأخرها.. إلاّ أن توتره زال بمجرد أن لمح ندى وهي قادمة نحوه.. وقف حتى قبل أن تصل وحين اقتربت من المكان الذي يجلس بقربه أمجد قال: صباح الخير ندى.. إطلالتك جميلة مثل كل يوم.
ابتسمت ندى وقالت: وأنت تبدو وسيماً جداً اليوم أيضاً.. كيف حالك؟.
جلس على الكرسي بعد أن جلست ندى وقال: بخير طالما أنك معي... وأنتِ؟.
ابتسمت وقالت برقة: بخير.
احمرت وجنتا ندى فراحت تنظر لمكان بعيد حتى لا تلتقي عيناها وعينا أمجد الذي قال حين أدرك أنها خجلي: ماذا ندى.. احمرت وجنتاكِ وها أنت الآن تحدقين بنافورة الماء.. ألا يروقك أن تنظري إلي وتحادثيني, إنسي أن هذا أول لقاء بيننا واعتبريه جلسة مساعدة لي.. ففي بادئ الأمر أنا أحتاج مساعدتك .
نظرت إليه وقالت: لأول مرة لا أجد كلاماً مناسباً لأقوله.
ابتسم أمجد وقد بدا رقيقاً بابتسامته وقال: تناولتِ فطورك؟.
ردت ندى برقة: نعم.
وقف وقال: إذا سأحضر لك العصير.. ثوانٍ وأعود إليكِ.
كانت ريم تراقبهما من بعيد حين فاجأها رائد بقول: مرحباً ريم.. كيف أنتِ اليوم؟.
التفتت والدهشة تملؤها إليه وقالت غاضبه: ماذا تريد؟.
ابتسم وقال: أهكذا تردين علي!.
نظرت إليه بغضب وقالت: هذا أقل ما يمكنني قوله..والآن

اذهب من هنا فأنا لا أريد التحدث معك أو حتى سماعك.
بدا عليه الإحراج وقال: كما تشائين.. ولكني لن أستسلم وستسمعينني ذات يوم.
رمقته بنظرة اشمئزاز وقالت: انتهى اللقاء الآن.. هيا أغرب عن وجهي.
شعر رائد بأن لا مجال للتفاهم معها فانسحب من المكان
واختفى بين حشود الطلاب.
وبينما كان أمجد يشتري العصير التقى برائد الذي قال: أهلاً أمجد.. أخبرني.. أليست تلك ندى!.. الفتاة التي تساعد الطلاب.. تلك الفتاة تظن نفسها شيئاً مهماً.
رمقه أمجد بنظرة غاضبه وقال بعصبية: إياك أن تتحدث عن ندى بتلك الطريقة.
تعجب رائد وقال: لست أمجد الذي أعرفه!.
رد أمجد بنفس الأسلوب: ولا أظن أن معرفتنا ستدوم طويلاً!.
فهم رائد ما يرمي إليه أمجد وقال: تتركنا لأجل فتاة!. أي شاب أنت؟.
رد أمجد سريعاً: بل أترككم لما أنتم عليه... وداعاً رائد وتركه أمجد في حيرة من أمره وضيق مما حدث معه هذا الصباح.
وعاد أمجد إلى حيث تجلس ندى ولم يعبأ برفقاء السوء الذين نظروا إليه نظرة الخائن. التقت ندى بأمجد وتعددت لقاءاتهما حتى أصبحا مقربين ومتفقين حتى في أبسط الأمور.. مضت عدة أسابيع كان أمجد فيها يحاول جاهدًا أن يتغير ويغير نظرة الجميع إليه حتى يكون الشخص المناسب لندى.. وقد كانت عزيمته قوية, وابتعد عن رفقاء السوء الذين اعتاد مرافقتهم في السابق, كما أنه اهتم جيدًا بدراسته وأصبح طالباً ينظر إليه بكل احترام وتقدير. لاحظ والد أمجد التغير المفاجئ والجذري في شخصية ابنه وقد سر بهذا كثيراً, وحين علم أن السبب من وراء كل هذا هي فتاة جامعيةتدعى ندى.. لم يعارض حين طلب أمجد الزواج بندى.. وسرعان ما تم الاتفاق على يوم معين يلتقي فيه الأهل للتعارف. كان والدا ندى على علم بكل ما يحدث معها.. أبدت والدتها اعتراضا على أمجد حيث أنه كان بنظرها شاب صغير وقد يكون حبه لندى مجرد نزوة عابرة في حين أعطاها والدها موافقة مبدئية واشترطا أن تتم الخطبة ويؤجل الزواج حتى ينهيا دراستيهما الجامعية. أتى اليوم المنتظر وتمت الخطبة بالفعل وشعر الجميع بسعادة غامرة نادراً ما كانوا يشعرون بها.
مضت سنة كاملة على خطبتهما.. سنة أثبت فيها أمجد أحقيته بندى كما وأثبت لها مدى حبه وإخلاصه. غير أمجد نظرة الجميع إليه وأولهم ريم.. صديقة ندى المقربة. ولكن هذا التغير لم يرق لرفقاء السوء الذين عرفهم أمجد سابقاً, لم يعجبهم أن يبتعد عنهم بتلك الطريقة وأن يكون شاباً صالحاً ينظر إليه باحترام.. فاتفقوا على خطة قد تدمر كل ما وصل إليه أمجد.. خطة تبعده عن السبب الرئيسي لتغيره.
تزامن تنفيذ الخطة في نفس يوم عودة ندى من إحدى المعسكرات.. والتي ذهبتها بمفردها لأن أمجد انشغل بدراسته وأداء امتحاناته.. كان الوقت متأخراً جداً حين رن هاتف أمجد الخلوي. رد على الاتصال ليسمع كلاماً أشعل نار الغيرة في قلبه ونار الشك معاً.. قال المتصل: وثقت بندى ولم تكن أهلاً للثقة. أذهب الآن إلى محطة القطار لتجدها مع حبيبها!.

لم يتمكن أمجد من ضبط أعصابه وأسرع باتجاه محطة القطار ليتأكد من صحة ما سمعه.
في ذلك الوقت كانت ندى قد نزلت من القطار وكانت على وشك المغادرة كي تعود لمنزلها إلاّ أن شخصاً ما استوقفها.. حاولت أن تتجاوزه وتمضي إلاّ أنه قال: هيه ندى.. ألا تذكريني؟.
نظرت إليه جيداً وتبينت ملامحه في الضوء الخافت وقالت: أوه سامر.. لم أرك منذ زمن طويل.. كيف حالك.. سمعت أنك تزوجت بمها.. ترى كيف حالها؟.
كان سامر أحد الطلبة الذين ساعدتهم ندى حين كانت في عامها الدراسي الأول وكان هو في عامه الأخير.. وقد سمع عن آراءها الجديرة بالاهتمام فذهب إليها ذات يوم ليعرض عليها مشكلته.. وهو أنه كان يعشق إحدى الطالبات إلاّ أنه لم يتمكن الجرؤة ليخبرها بمشاعره تجاهها.. وكان سامر صديق لرائد إلاّ أنه ابتعد عن تلك الجماعة حين أصبحت سمعتهم سيئة في الحرم الجامعي, شجعته ندى على البوح بمشاعره تجاهها ولزمه بعض الوقت حتى اعترف لمها وقد كانت الفتاة التي يحبها, بمشاعره الحقيقة تجاهها... وبعد أن أنهى سامر دراسته الجامعية تقدم لخطبة مها وكانت السعادة تملؤه ذلك اليوم..
لم يلتقيا منذ تخرج سامر.. لذا انتهز رائد تلك المعرفة القديمة بينهما واستغل تواجد سامر في المدينة وأخبر سامر بأن ندى ستصل بالقطار هذا اليوم وأخبره بموعد وصول القطار ليلاقيها هناك ويشكرها على نصيحتها التي غيرت حياته للأبد.. لم يكن سامر على علم بمخطط رائد وصحبه, ولم يكن يعلم أن لقاؤه بندى سيسبب لها المشاكل واسترسلا في الكلام ونست ندى تماما أنها تقف في ساعة متأخرة عند محطة القطار ومع شخص غريب!.
أوقف أمجد سيارته بالقرب من محطة القطار وقرر أن يتفقد المكان دون أن ينتبه إليه أحد.
اقترب أمجد من المكان حيث كانت ندى تقف مع سامر.. وبالطبع لم يكن قد رأى سامر من قبل - حيث غادر سامر تلك الجماعة قبل انضمام أمجد إليهم- ولم يخطر بباله أنه شخص عادي بالنسبة لندى, فترسخت في ذهنه تلك المحادثة وبدأت الكلمات تتردد في رأسه وهو غير مصدق لما يراه.. ارتجف جسده بالكامل من شدة التوتر ولم يستطع كبت شعوره فذرفت عيناه الدموع وانسحب من المكان ليستقل سيارته واتجه نحو الجسر العلوي.
سمعت ندى صوت هدير محرك سيارة فالتفتت حيث سمعت ذلك الصوت. ومن بعيد لمحت سيارة أمجد. وقد تبينتها واستغربت من تواجد أمجد في هذا المكان وفي تلك الساعة فاستأذنت من سامر ومشت حتى وصلت إلى الطريق الرئيسي, أوقفت سيارة أجرة وتوجهت إلى نفس المكان الذي قصده أمجد. كان أمجد يقود بسرعة جنونية غير واعٍ لما يفعل.. وكانت الرؤية أمامه غير واضحة إذ أن دموعه حجبت عنه الطريق فقرر التوقف عند منتصف الجسر حتى تهدأ أعصابه. وقف يتأمل النيل وبداخله حزن عظيم تشير إليه دموعه التي لم تتوقف مذ رأى ندى مع ذلك الغريب.. بداخله دارت ملايين الأسئلة وملايين الاحتمالات.
شعر في لحظة واحدة أن كل الذي مر به مع ندى كان عبارة عن كذبة كبيرة وخداع لم يعرف له نهاية.
في هذا التوقيت وصلت ندى إلى الجسر وطلبت من السائق التوقف حين رأت سيارة أمجد. بدت عليها الدهشة حين رأت خطيبها يقف وحيداً يتأمل النيل في وقت متأخركهذا.. اقتربت منه وقالت بلطفها المعتاد: عزيزي.. ماذا تفعل هنا؟.
فوجئ أمجد والتفت خلفه سريعًا ليجد ندى تدنو منه.. كادت أن تمسك بيده إلاّ أنه دفعها بعيداً عنه فسقطت على الرصيف وارتطمت رأسها بحافته فجرحت جرحا بليغًا وأصيبت بدوار شديد فلم تعي ما يحدث حولها.
قال أمجد بصوت ملؤه الحزن والغضب واللوم وقد سبقت دموعه الكلمات: لمَ يا ندى.. لمَ فعلتِ بي هذا.. ندى لقد تغيرت لأجلك.. بدلت كل حياتي السابقة كي تعجبي بي.. قدمت لك كل شيء ولم أرفض لك طلباً.. كنت لك.. لا أذكر أني أغضبتك يوماً, وحتى إن فعلت تعلمين أني كنت أبادر بالاعتذار.. ندى أنت لي حياتي فلمَ تفعلين هذا بي..وبعد كل هذا الوقت.. لقد عشت معك أسعد أيامي ولم أتمنى شيئا في الدنيا سوى أن أكون معك.. بقربك.. واليوم.. اليوم أتضح لي بأني أنا فقط من كان مخلصاً.. أنا من أحببت وأنا من تغيرت وضحيت.. ولأجل ماذا.. لأجل فتاة تركتني وبلا سبب لتكون مع شخص آخر..لا ندى..لن أسمح بذلك..لن أراك وأنتِ معه متخلية عني..أنا أفضل الموت على هذا كانت ندى تشعر بألم شديد بسبب جرحها ولكنها استجمعت قواها وصرخت قائلة: أمجد أنت موهوم.. لما تظن أنني خائنة.. ماذا فعلت لتقول هذا لي.. أمجد لقد أحببتك منذ البداية فلمَ تتوقع أن أخونك بعد كل هذا الوقت.. أهذا ظنك بي.. أين الثقة المتبادلة بيننا.. أين لغة الحوار التي لطالما كانت لغتنا.. لمَ تتهمني بشيء لم أرتكبه.. أتظن أنك وحدك من ضحى!.. أمجد لقد تحملت الكثير من أجلك.. لم أخبرك يوماً بهذا ولكن سخرية الجميع مني حين علموا بأمر ارتباطي بك كانت شديدة.. لم أهتم بكلامهم لأني وثقت بك وعرفت أنك لست كما بدا عليك وقتها..عارضت الجميع لأجلك وأولهم ريم صديقتي الحميمة..عارضتهم حتى أثبت أمامهم أنك شخص رائع.. واليوم تثبت لي بأن كل هذا الحب وتلك الثقة بيننا قد انهارت لتحل محلها نار الشك والظن الذي جعلك لا ترى الحقيقة.. لا أعرف سبب تواجدك عند محطة القطار ولكن دعني أخبرك شيئاً..ذلك الشاب الذي كان معي ما هو إلا مجرد صديق قديم لي..وللعلم فقط فإنه متزوج منذ فترة ومشاعري تجاهه لا تتعدى المشاعر بين أخ وأخته أو بين صديقين لا تجمعهما سوى الصداقة, أمجد لمَ شككت بي ولم تسألني أولاً. شعر أمجد بأنه قد أخطأ بحق حبيبته التي ظن بها السوء لمجرد مكالمة هاتفية من غريب.. تمنى لو أن الأرض تنشق وقتها لتبتلعه ويختفي من الوجود.. شعر أمجد بإحساس رهيب مفاده هو أنه شخص أناني لا يمكن أن يثق بأحد حتى حبيبته الوحيدة وزوجته المستقبلية.. اقتربت ندى من أمجد ومسحت دموعه بأناملها كاد أن يتحدث إلاّ أن ندى أصيبت بدوار شديد فأمسكها قبل أن تقع على الأرض وحملها داخل سيارته وتوجه سريعاً إلى المشفى.. كان متوتراً إلى أبعد الحدود وعاجزاً عن التفكير السليم. ولكنه أسرع كي يصل إلى المشفى لإنقاذها.
كانت ندى تتألم بشده وتئن كثيراً ولكنها لم تنطق بكلمة واحدة.. التفت أمجد إليها فألمها كان أصعب شيء يواجهه.
ربت على رأسها فسمعها تتمتم بكلمة ما.. اقترب منها ليسمع جيداً ولكنها كانت شبه فاقدة للوعي فلم يتمكن من سماعها, التفت إلى الطريق ففوجئ بشاحنة نقل عملاقة أمامه.. لم يتمكن من تجاوزها فحدث الاصطدام العنيف وانقلبت بهما السيارة وانجرفت نحو الرصيف ولكنها توقفت قبل أن ترتطم بسور الجسر توقفت السيارات على جانب الطريق ووصلت سيارات الإسعاف حين تلقوا مكالمة مفادها أن هناك حادثة على الجسر.

مر أسبوع كامل قضته ندى في المشفى فاقدة الوعي.. وحين أفاقت وجدت أهلها وأصدقاءها مجتمعين حولها وقد أشرقت على وجههم ابتسامة جميلة تدل على مدى محبتهم لها.. تلفتت ندى حولها ونظرت سريعاً إلى الوجوه المحدقة بها فلم تجد بينهم أمجد.. اغرورقت عيناها بالدموع فاقتربت منها ريم وقد كانت تبكي بشدة وقالت بلهجة حزن وأسف شديدين: لقد مات أمجد في الحادثة.
انهارت ندى تماماً وبكت بكاءاً هستيريا.. كانت تريد أن تغادر فراشها لتلحق بأمجد لكن الممرضة تدخلت فأعطتها دواءً مخدراً جعلها تنام مدة ثلاث ساعات.. بعدها أفاقت ندى, على حقيقة مرة وواقع صعب.. أفاقت لتجد أن خطيبها الذي أحبته قد فارق الحياة حين كان يحاول إنقاذها.. وأفاقت أيضاً على واقع أنها فقدت القدرة على الكلام...
مرت ثلاث سنوات وهي على تلك الحال, بل زادت حالها سوءاً فقد أصيبت باكتئاب شديد ولم تعد راغبة في رؤية أحد أو التحدث إلى أحد.. لم تصدق يوماً أن أمجد قد تركها ورحل.. كانت تظن دائماً أنه سيأتي اليوم الذي يتصل فيه بها ليخبرها كم يحبها. حاول الجميع مساعدة ندى إلا أنها كانت ترفض أن يقترب منها أو يحادثها أحد.. كما حاولوا أن يجدوا طريقة تمكنها من الكلام مجدداً.. ولكن في أعماقها لم تكن راغبة بذلك..فقد كانت آخر كلمة نطقتها هي" أحبك " وقد قالتها لأمجد قبل الحادث بثوان.. لذا استسلمت لواقعها وانسحبت من تلك الحياة حتى أصبحت كمثال وردة حمراء ذابلة تماماً.. كان هذا غير متوقع وخصوصاً مع فتاة جمعت الشباب والحيوية وحب الحياة في آنِ واحد...
لم تنهي ندى دراستها الجامعية بسبب حالتها النفسية والتي كانت تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.. حتى يومنا هذا لا يزال بالإمكان رؤية ندى تقف في حديقة منزلهم, تجمع الأزهار كل صباح وتنسقها..لم يفهم أحد سر جمعها للأزهار كل صباح إلاّ أن صديقتها ريم أخبرتهم أن أمجد كان يحب هذا النوع من الأزهار وكانت ندى تهديه إياها كل صباح.
بعد أن تتناول ندى فطورها بشق الأنفس كانت تجلس على كرسي في شرفتها وتبقى دون حراك حتى يأتي غروب الشمس.. كانت تتأثر كثيراً برؤية الغروب.. وكانت تحصي الأيام منذ فارق أمجد الحياة وتنتظر أن يأتي اليوم الذي سترحل فيه هي أيضاً.
حب ندى للحياة وللناس انتهى بنهاية حبيبها, أراها كثيراً هذه الأيام وهي ترافق والدتها إلى السوق.. لا حياة فيها.. شاحبة الوجه لا تبتسم مطلقاً وفي عينها نظرة حزن وألم شديد..
وقفت معها ذات يوم حين كانت ذاهبة لشراء بعض الحاجات من مكان قريب لمنزلهم.
وقد اصطحبت معي ابني الصغير البالغ من العمر سنتان.. ربتت ندى على رأسه فابتعد عنها خائفاً.. ابتسمت برقة وقد كانت تلك هي المرة الأولى التي أراها فيها تبتسم.. جثت على ركبتيها وأمسكت يد ولدي برقة متناهية وقبلتها ثم عانقته عناقاً خفيفاً فابتسم طفلي وأعطاها حلوى كانت في فمه منذ ثوان.. ابتسمت ندى مجدداً.. ولكن هذه المرة رافقت ابتسامتها دمعة حارة سقطت بالرغم عنها.. فكلما تبسمت ندى تذكرت كيف كانت تبتسم برفقة أمجد وحين تتذكر أمجد والذي لم يغب يوماً عن بالها كانت تبكي بحرقة.. أشفقت عليها كثيراً وأوصلتها بنفسي إلى منزلهم.. أني لأشفق على ندى.. وأتمنى لو كان بالإمكان مساعدتها على نسيان ما حدث والاستمرار بالحياة.. إلاّ أنه ما باليد حيلة.. فحبها له كان أقوى من أن تنسيه السنين وحزنها عليه كان أشد من أن يمحى.
الكاتبة
سارة سيد زكريا
ختاما


في الختام أحمد الله على إتمام هذه القصة، كما أتقدم الشكر لكل من ساعدني ودعمني لتقديم هذا العمل الأدبي وأخص بالشكر أسرة الأفق، الأسرة التي أنتمي إليها وأعتبرها عائلتي الثانية، وأصدقائي الذين كانوا خير عون لي ومنحنوني الثقة وأدعو من قلبي أن تدم صداقتنا للأبد. ولا يمكن أن أنسى فضل والدي علي.. اللذان حرصا أشد الحرص على أن أتلقى العلم والمعرفة... ورغم أنهم مبتعدين عني بحكم سفرهم.. إلا أني أراهم دائمًا أمامي ينصحونني ويوجهوني إلى الطريق القويم.. وشكر بالغ لجميع من قرأ القصة وفِهمَ معانيها، وأرجو من الله أن تنال على إعجابكم.
الكاتبة ...
ساره سيد زكريا

الأربعاء، ٢١ مارس ٢٠٠٧

أسرة الأفق ترحب بكم




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


مرحباً بكم فى موقع أسرة الأفق بكلية التربية جامعة بنىسويف